قبل أن نبدأ أحاديثنا القصيرة في رمضان أن نود أن نلمع إلماعة بسيطة عن الصوم ومشروعيته وحكمته.

شرع صوم رمضان في السنة الثانية من الهجرة واختار الله للصوم شهر رمضان لفضله على سائر الشهور، لنزول القرآن فيه وقد عرف الفقهاء الصوم بأنه الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس وركن من أركان الإسلام الخمسة.

والصيام في الإسلام أسهل منه في الأديان الأخرى فهو عند المسيحيين خمسة وخمسون يوما عن أشياء مخصوصة ويسمونه الصيام الكبير وثلاثة وأربعون يوما وهو الصيام الصغير ولديهم صيام يسمى صيام يونان ومدته ثلاثة أيام ينقطع فيها الصائمون عن الطعام والبعض يصومه 24 ساعة فقط.

أما عند اليهود فهو أصعب إذ يمتنع الصائم عن تناول الطعام والتدخين وإدخال أي شئ إلى جوفه مدة أربعة وعشرين ساعة تبدأ من غروب الشمس إلى ظهور أول نجمة في سماء اليوم التالي ويحرم عليه القيام بأي عمل فلا يخرج من منزله إلا إلى المعبد.

فانظر يا عزيزي القارئ المسلم كيف كان هذا الدين وسطاً في كل شئ حتى في الصوم فلا إرهاق ولا إعنات.

ثم انظر بعد ذلك ما هي الحكمة من هذا التجويع الذي يعلمك الصبر على المكاره وتعلم منه كيف تكبح جماح نفسك عن الشهوات والمعاصي.

بل خذ من هذا التجويع درسا آخر استفد منه في حياتنا. وتذكر أولئك البؤساء من بني جنسك من الفقراء والمساكين كيف يطوون بين حين وآخر وذق معهم حرارة الجوع والظمأ ولو مرة في العام لعل ذلك يثير في نفسك العطف والشفقة حينما تلقى جائعا يستجديك لقمة يمسك بها رمقة أو صادياً يلتمس منك شربة يطفئ بها ظمأه.

ذق الجوع مرة واحدة في العام وتجرع مرارة الظمأ لتعرف كم في هذه الحياة من بطون جائعة ونفوس صادية طوال العام .

[صاد]