القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 162 زوار المتواجدين الآن بالموقع
الثلاثاء, 23 أغسطس 2011 20:52

يوميات البلاد مصلحة البلاد.. وتهمة الصد عن سبيل الله

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

في الحديث الصحفي الذي أدلى به الأخ الأستاذ يحي المعلمي مدير عام المرور إلى صحيفة البلاد عن المرور نقاط تستحق الوقوف عندها والتعقيب عليها.

يقول الأستاذ المعلمي في معرض السخرية من فكرة إيقاف سيارات حجاج البر عند المدينة المنورة ونقل حجاجها إلى مكة ومناسك الحج على سيارات سعودية يقول (أرجو أن يدخل الداعون إلى هذه الفكرة في حسابهم اعتبارات المجاملة والمعاملة بالمثل مع البلدان التي تصل منها السيارات) إلى أن يقول (هل سيأتي يوم يقال فيه أن على بواخر الحجاج أن ترسو في جازان وعلى الطائرات أن تهبط في مطار الظهران؟).

والحجة التي تذرع بها الأستاذ المعلمي واستعمل فيها الألفاظ الدبلوماسية ينقصها كثير من الدقة، والقياس الذي أراد أن يقيس عليه قياس مع الفارق الكبير..

فكلنا يعرف أنه ليس لنا سيارات تعمل داخل البلدان المجاورة وتنقل بينها. ليس لنا سيارات تعمل في نقل الركاب من القدس إلى عمان أو من دمشق إلى حلب أو من أنقرة إلى استنبول، ولو كانت لنا فإني أطالب بتوقيفها في الحال إذا كانت هي السبب في هذا الوبال الذي نعانيه وليتضرر مائة سعودي من أجل رفع الضرر عن مئات الآلاف من الحجاج.

قد تمر سيارات لنا من حدودنا إلى سوريا عبر الأردن مجرد عبور وقد تنقل من حدودنا إلى إحدى المدن الكبرى في البلاد المجاورة أما أن تعمل داخل تلك البلاد فهذا ما أستطيع أن أنفيه نفياً باتاً.

وهو ليس مقصوراً على التعامل بيننا وبين الدول المجاورة بل نافذ بين تلك الدول بعضها مع بعض رغم الصلات القومية والروابط الأقوى بين تلك البلدان فالسيارات اللبنانية توصلك إلى محطة السيارات بدمشق ولا تستطيع أن تنقلك إلى أي مكان آخر داخل البلاد والسيارة السورية تنقلك إلى محطة السيارات في عمان أو القدس ولا يجوز لها التنقل داخل البلاد والعكس بالعكس وأنا بالطبع أعني سيارات النقل والأجرة أما السيارات الخصوصية فإن لها نظاماً وإجراءات خاصة تتيح لها شيئاً من الامتياز.

هذا تعقيبنا على حجة الأستاذ المعلمي بصرف النظر عن ظروف الحج الخاصة التي تفرض اتخاذ مثل هذا الإجراء ولو بصورة استثنائية إذ أن جميع البلدان المجاورة وغير المجاورة لا تمر بمثل هذه الأزمة الخانقة التي تمر بنا كل عام ويضطرب المرور ويعجز رجاله عن التصرف ثم لا يجدون لهم عذراً إلا ضيق الشوارع ووجوب توسعتها مع أن أزمة المرور في الواقع وليدة الثنائي المعروف (نظام السير ورجال المرور).

أما تعقيبنا على القياس فإننا نراه قياساً غير وارد ولو فرض فعلاً وضاق ميناء جدة عن استقبال بواخر الحاج وضاق مطار جدة عن استقبال طائرات الحج فإن من المعقول والممكن تحويل بعض البواخر إلى ميناء ينبع وبعض الطائرات إلى المدينة وليس في هذا الإجراء ما يثير العجب أو يدعو إلى السخرية.

تلك أولى النقاط التي يجب الوقوف عندها أما النقطة الثانية من الحديث فهي أنه لا السائل ولا المجيب تعرضا في هذا الحديث الطويل العريض عن الحلول العملية المجدية لهذه المشكلة التي نعانيها كل عام بل تتضاعف عاما بعد عام فلا تسمع من رجال المرور إلا المطالبة بمزيد من الهدم والتوسعة وإعداد الميادين والمواقف للسيارات ليستطيع رجال المرور الإشراف على تنظيم توقيف السيارات فيمضي المرور رخاء دون عناء.

أما النقطة الثانية فهي العقدة الدينية والأحاسيس العاطفية التي يتذرع بها كثير ممن يعارضون كل تنظيم لشئون الحج والحجاج وهي تجنب تهمة الصد عن حج بيت الله الحرام.

فإذا قلنا لهم: ألزموا الحاج بالسكنى قالوا: هذا صد عن سبيل الله وإذا قلنا كلفوا الحاج باصطحاب نفقته قالوا: هذا صد عن سبيل الله..

يقول الأستاذ المعلمي (إن مصلحة بلادنا أن يدخل إليها في كل عام أكبر عدد ممكن من الحجاج وأخشى أن يكون الحد من حركة السيارات القادمة من الخارج عاملاً معوقاً وصاداً عن الحج إلى بيت الله الحرام وهذه عوامل دينية واقتصادية ينبغي إدخالها في الحساب.

وقبل التعقيب على هذه النقطة أود أن أسأل الأستاذ المعلمي هذين السؤالين:

1- هل صحيح أن من مصلحة بلادنا أن يدخل إليها أكبر عدد ممكن من الحجاج هكذا جزافاً بدون قيد أو شرط؟

وكيف يمكن تحقيق مصلحة البلاد إذ بلغ عدد الحجاج فوق طاقة الإمكانيات الموجودة؟

أم يتعين علينا إزالة الجبال واستنباع الأنهر وجعل عرفات من طابقين لنستطيع استضافة ملايين الحجاج وآلاف السيارات؟

وأيهما أصلح للبلاد مائة ألف يدخلون البلاد على سياراتهم ويقيمون فيها لا يبارحونها إلى أن يخرجوا بها؟ أم خمسون الفا ينقلون على سيارات البلاد ويتعاملون مع أهل البلاد ويمنعون آذاهم عن البلاد؟..

ما أجمل أن يكون الإنسان واقعياً ولا يسرف في الخيال والأماني..

2- وهل يكون التنظيم لتوفير الراحة للجميع صادراً عن الحج؟ وهل يعرف الأستاذ المعلمي أن المتاعب التي يلقاها حجاج البر أنفسهم والمشاق التي يسببونها لغيرهم هي أكبر صاد عن حج بيت الله الحرام ومعوق عن أداء هذه الفريضة؟

إن مصلحة البلاد تتحقق في عدد من الحجاج لا يتجاوز حدود الطاقة وقدرة الإمكانيات، حجاج لديهم من القدرة الصحية والاستطاعة المادية ما يمكنهم من أداء هذا الفرض دون ضرر ولا ضرار..

أما الكثرة التي تشبه غثاء السيل فإنها ليست في مصلحة البلاد في شئ.

ومن أدب الإسلام: (أنصر أخاك ظالما أو مظلوما) وحجاج البر من إخواننا الذين يجب نصرهم من غير شك..

إنهم مظلومون من شركات النقل – والحملدارية الذين يصورون لهم الحج بالسيارات رحلة ممتعة بسيطة التكاليف ويتقاضون منهم الأجر المبسط ثم يسومونهم العذاب، يسكنونهم في الشوارع أو الخيام ويقودونهم في الحج قيادة جهلاء عمياء، ويعرضونهم للهوان والفاقة والشمس المحرقة..

وهم في نفس الوقت ظالمون لإخوانهم من الحجاج بما يسببونه لهم من متاعب ومشاق تبلغ حد العنت والإرهاق من جراء السير بسياراتهم في مناطق الحج المزدحمة وسد الشوارع والمنافذ ونشر الأقذار والأوساخ.

ومن حقهم علينا أن نحميهم من ظلم شركات النقل والحملدارية ونحقق لهم حجاً صحيحاً مريحاً كغيرهم من الحجاج وأن نمنعهم من ظلم اخوانهم من حجاج بيت الله بوقف أذاهم.

إن تسهيل سبيل الحج لمن فرضه الله عليهم من المستطيعين وحماية المشاعر المقدسة من كل ما يشين أوجب في نظري من محاولة اجتذاب مئات الآلاف من العاجزين صحياً أو مادياً الذين عذرهم الله فأسقط عنهم الفرض ولن نكون مهما أوتينا من علم ومهما أشربت نفوسنا من عطف أبعد نظراً وأغزر حكمة وأكثر رحمة من المشرع الحكيم الرحيم الذي لو شاء لقال: ولله على الناس حج البيت ووقف عندها ولم يقل من استطاع إليه سبيلا.

معلومات أضافية

  • العــدد: 1952
  • الزاوية: يوميات البلاد
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: البلاد
المزيد من مواضيع هذا القسم: « حديث الناس حديث الناس (2) »

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا