كلام رجال.. أم لعب عيال؟!
إن الإنسان العادي الذي يحافظ على كرامته إذا قال كلمة فيها التزام أو وعد وعداً له قيمة يخجل أن يتراجع عن ذلك بل يرفض مهما كلفه الأمر لأنه يؤمن بالمثل القائل.. المرء يربط بلسانه.. ولكن الرئيس كارتر وهو رئيس أكبر دولة في العالم ولكلامه ووعوده ثقل كبير لا يتورع أن يلحس توقيع ممثليه أو يبتلع كلامه مرة أخرى ويناقض نفسه دون تردد.
منذ أكثر من عام قال – لا فض فوه – "إنه مع قيام الدولة الفلسطينية ومؤيد ذلك" ولكنه بمجرد أن رأى العين الحمراء من إسرائيل تراجع وابتلع كلامه ولم تكن يومذاك انتخابات ولا أصوات يهود كما يقال عن تبرير تراجعاته الآن..
والآن وبعد أن صوت ممثلوه في الأمم المتحدة مع الحق وضد إسرائيل لمنع إقامة مستوطنات في الأرض المحتلة وأحس بقضية إسرائيل لم يتردد في الإعلان أن تصويت أمريكا مع هذا القرار كان خطأ ولكنه لم يقل أين هو الخطأ ولماذا؟! إلا إنه يغضب إسرائيل؟! أم أنه يحالف اتفاقات كامب ديفيد التي يقال أنها ستحقق السلام العادل وتعيد للفلسطينيين حقوقهم..
وبدون خجل أيضاً يقول: إننى اتفقت مع السادات وبيجن على أن القدس كل لا يتجزأ بينما يقول الرئيس السادات مراراً وتكراراً أن إتفاقية كامب ديفيد تعتبر القدس من الضفة الغربية التي ستعود إلى حكم الفلسطينيين فأيهما الصادق؟! وأيهما المخادع؟!
ثم ماذا يعنى بقوله أخيراً.. أن الوضع النهائي للضفة الغربية وقطاع غزة لن يتحرر إلا بعد خمس سنوات ولهذا فلا يصح التصويت ضد المستوطنات من الآن وكأنه يتصور أن الفلسطينيين سيتصورون مصيرهم بعد الخمس سنوات بالبقاء وتحت حكم إسرائيل أو إنه يتوقع نكوص إسرائيل عن عهودها واتفاقياتها قبل ذلك وتبقى الحال كما هو وتكسب إسرائيل الوقت وتزيد من مستوطناتها ويهودها ورسوخ قدمها بفضل عبقرية بعض أبناء الأمة العربية ممن يثقون في شرف وأمانة الإرهابي بيجن وعصابته ويعتبرون أنفسهم هم المعنيين بقول الشاعر العربي:
وإني وإن كنت الأخير زمانه
لآت بما لم تستطعه الأوائل
ثم لنتساءل عن بقية التناقضات في كلام الرئيس كارتر الأخير وهو يقول أنه سيتوصل للسلام في الشرق الأوسط مع تأمين إسرائيل داخل حدود معترف بها، وأن قرار مجلس الأمن الذي صوت بإزالة المستوطنات من الأرض المحتلة لا يتفق مع سياسته ولا مع الاتفاق الذي أبرمه مع مناحم بيجن واستوعبه الرئيس السادات جبراً، فهل هناك اتفاق سرى على بقاء إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة حتى يكون قرار إزالة المستوطنات اليهودية قرار مخالف لها؟! وهل صحيح أن الرئيس السادات استوعب ذلك؟! أم إنها كذبة عليه لتبرير هذا الموقف المخزي للتراجع عن الموافقة على القرار بعد أن هددته إسرائيل وتوعدته بالويل والثبور وعظائم الأمور؟!
والأنكى من ذلك قوله أن هناك تعهد بين الفرسان الثلاثة كارتر وبيجن – السادات بعد البحث في قضية القدس خلال المحادثات المصرية الإسرائيلية الحالية، فهل هذا الكلام صحيح؟! وأن تعهد به الرئيس السادات فعلاً أم أنه مكذوب عليه؟!
ماذا نسمع؟! وماذا نقرأ عن رؤساء دول هذا الزمان؟! كذب.. لحس توقيع.. تحريف للكلام.. نقض للعهود والوعود.. امتهان للكلمة فكيف نثق بما قيل وما سيقال؟!
اللهم إن هذا باطل لا يرضيك..
معلومات أضافية
- العــدد: 53
- الزاوية: كل خميس
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: المدينة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.