صالح محمد جمال: كل شئ تحول عما كان عليه فأصبح حب النفس والأنانية المفرطة أبرز سمات مجتمع اليوم! أعتقد أن عمل الموظف ثلاث ساعات في ليالي رمضان أفضل من عمله خمس ساعات في النهار!! أحلى الذكريات هي ذكريات الزمن الذي تغير
عن رمضان.. وذكريات رمضان.. وما انقرض من عاداته.. وما هو جميل منها.. يحدثنا في هذا اللقاء الأستاذ صالح محمد جمال.. وبكل صراحة يتحدث عن صحافة زمان.. وصحافة اليوم في رمضان وعن فكرة (برمجة أيام المعايدة) في العيد.
الأستاذ صالح محمد جمال ما هي أحلي ذكرياتك عن رمضان الكريم؟
- أحلى ذكريات رمضان هي ذكريات الطفولة أو بتعبير آخر ذكريات أيام زمان يوم كانت دنيانا غير هذه الدنيا التي نعيشها الآن.. تلك الدنيا التي كانت تتسم بالطيبة والبساطة.. طيبة النفس وبساطة الحياة ثم تحولت تلك الطيبة إلى حب للنفس قاتل وأنانية مفرطة على حد تعبير المثل القائل "اللهم إني لا أسألك إلا نفسي" وتبدلت البساطة إلى تعقيدات وهموم لا أول لها ولا آخر. بساطة كانت تمثل في سمرنا أيام الصبا تحت فوانيس البلدية أو "أتاريكها" التي اندثرت الآن نفترش البطحاء ونلعب تلك الألعاب البريئة "البرحوه" و "الكبت" و "شرعت" و "الدندن" وأحيانا نكتفي بالأحاديث والقصص المسلية التي حكتها لنا جداتنا في البيت وموعدنا المدفع الأول حيث يمضي كل منا إلى داره لتناول السحور وليس في قلبه هم ولا في فكره شاغل.
ذكريات صلاة التراويح بالمسجد الحرام خلف فضيلة الشيخ عبد الله خياط قبل أكثر من نصف قرن وجميع المصلين لا يشغلون ربع المسجد الحرام على صغره يوم ذاك فلا زحام ولا جلبة ولا ضوضاء.
أتذكر أنكم كنتم قد طرحتم منذ زمن فكرة (المعايدة في ساحات بالاحياء، يتم إنشاؤها بدلاً من الزيارات في المنازل لما تسببه هذه العادة من المودة والترابط) لماذا تلاشت هذه الفكرة؟
- الذي طرحناه بالضبط هو تحديد أيام لزيارات العيد لكل حي من أحياء مكة المكرمة.. مثلا يكون اليوم الأول لزيارة الأقارب واليوم الثاني لزيارة حي كذا، وحي كذا.. والثالث والرابع ليجلس سكان كل محلة في يومهم لاستقبال زوارهم من المحلات الأخرى وهذه ليست فكرة جيدة ولكنها قديمة تركت أو أهملت بعد أن زادت أحياء مكة أو تضاعفت على الأصح فقد كانت أحياء مكة اثنى عشر حياً.. أما اليوم فقد زادت إلى ضعف هذا العدد وأصبح "المتعايدون" لا يجدون بعضهم بعضاً في بيوتهم بل يقابلهم الأبناء أو الخدم ويقدمون لهم الحلوى والقهوة وكأنها هي الهدف من الزيارة مع أن الأمر ليس كذلك بل الهدف هو اللقاء والتواد.
ولكن الفكرة لم تجد تجاوباً فماتت في المهد واكتفى أكثر الناس بتبادل التهاني بواسطة البطاقات وأصبحت الزيارات في أضيق الحدود.
لا شك أن هناك عادات وتقاليد جميلة ربما تكون قد انقرضت أو معظمها بالنسبة لرمضان ولياليه.. في نظركم ما هي أبرز هذه العادات التي فقدناها في عصرنا الحاضر؟
- أبرز العادات الجميلة في رمضان هي اجتماعات السمر بين التراويح والسحور التي أعتقد أنها اندثرت الآن لانشغال الناس في دوامة الحياة وابتعاد المساكن بعضها عن بعض فأنا مثلاً أردت زيارة صديق في إحدى ليالي رمضان يسكن في أجياد وأنا أسكن في الزاهر فلم أستطع الوصول إليه إلا خلال ساعة من الزمن ذهاباً وأخرى إياباً بالإضافة إلى مشقة زحمة السير في شوارع مكة وليتني وجدته.
لرمضان المبارك طابع خاص في كل شئ فبالنسبة للصحافة هل هناك فرق بين صحافة الأفراد في عهدكم وصحافة المؤسسات اليوم من الاهتمام به إعلاميا؟
- لا أعتقد أن هناك فرقاً بين صحافة الأفراد وصحافة المؤسسات في رمضان سوى (اللت والعجن) الممل في أكثر الصفحات عن رمضان وهو كلام يعاد كل عام حتى أصبح محفوظاً ولا يقرأه أحد فالناس مشغولون في رمضان بقراءة القرآن.
بصفتكم مسئولاً مهماً في العاصمة المقدسة كرئيس للمجلس البلدي بها ما رأيكم في فكرة أن يكون العمل بالدوائر الحكومية ليلاً نظراً لحرارة الجو؟
- العمل في رمضان ليلاً كان سائداً عندما كنت موظفاً حكومياً وكنا نعمل بالليل فعلاً وفي أضواء الأتاريك، وحرارتها وكنا ننتج أفضل، ولا أتصور أن من يعمل الآن في نهار رمضان يستطيع إنجاز عمل وذهاب الموظفين إلى دوائرهم الآن – أو أكثرهم على الأقل – إنما هو تحصيل حاصل وربما إنجاز المستعجل جداً أما بقية الأعمال فإنها تركن إلى ما بعد رمضان وأنا أفضل أن يعمل الموظفون ثلاث ساعات في ليالي رمضان عن أن يعملوا خمس أو ست ساعات في نهاره.
فلو حدد الدوام من الساعة الحادية عشرة إلى الساعة الثانية ليلاً لاستطاع الموظف أن ينتج وينجز أعمالاً كثيرة ولسهل على المراجعين ذلك ليت ديوان الخدمة المدنية يجري تقويماً لهذه الفكرة وخاصة أن السنوات القادمة ستكون مثل هذه السنة أو أشد حرارة ولهيباً.
أخيرا ما هي أمانيكم في هذا الشهر الكريم؟
- أمنيتي في هذا الشهر هي أمنية كل مسلم أن ينصر الله دينه ويعلي كلمته وأن يصلح إخواني المسلمين ويجمع كلمتهم ويلهمهم الرشد لأن ما يجرى في فلسطين ولبنان وإيران والعراق وأفغانستان والفلبين وأرتيريا وغيرها من بلاد الإسلام إنما هو نتيجة للتفرق والأطماع الشخصية وفقدان الرشد والانحراف عن الطريق المستقيم.
معلومات أضافية
- العــدد: 6293
- الزاوية: غير معروف
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: المدينة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.