كيف نحارب الشيوعية
من أي الأبواب تدخل الشيوعية إلى الدول الأخرى؟! وكيف تتسلل إليها؟! وما الذي يجرؤها على غزوها السلمي أولا ثم الحربي ثانيا؟! الحكومات؟! أم الشعوب.. أو لا هؤلاء ولا هؤلاء؟
لا نريد أن نبرئ الحكومات ولكننا أيضا لا نبرئ الشعوب وإن كان للشعوب بعض العذر فكل شعب لا يخلو من الوصوليين وعشاق السلطة ومن يريدون الوصول إليها ولو على جثث أبناء وطنهم ولكنهم قلة لو سلحت كل دولة أبناء شعبها بالرخاء والاستقرار والطمأنينة وليس بالمدافع والرشاشات لما وجدت هذه القلة من يسمع إليها ومن يلهث وراءها من الجياع والساخطين ولما وجدت الشيوعية منفذاً تنفذ إليه لتعشعش وتبيض وتفرخ، ولما وجدت روسيا من يستمع إليها ويجري في فلكها فالذين يدورون في فلكها فريقان فريق من هواة السلطة الذين يحلمون بها في بلدهم ولا يجدون إليها سبيلا إلا على ظهر حصان الشيوعية، وفريق الساخطين الذين يؤمنون بالمثل القائل، نحس بعد نحس ولا نحس مستمر.. فهم يريدون التغيير ولو أدى بهم إلى الجحيم وهي فلسفة يعتنقها اليائسون البائسون.
ورغم ضآلة الفريقين فإنهم يستطيعون بهذه الفلسفة وتلك الأطماع أن يجمعوا حولهم الكثيرين ممن يعيشون على هامش الحياة ويحسون بالفراغ نتيجة للترف والرغد الذي يعيشون فيه والأمثلة على ذلك كثيرة بين زعماء الجماعات الذين يسمون أنفسهم بالاشتراكيين أحياناً وباليساريين أحياناً أخرى.. ولا حاجة بنا إلى ذكر الأسماء..
فكيف نوصد أبواب الشيوعية في وجه منطقتنا؟! ونحول بينها وبين التسلل إلى صفوف شعبنا وأمتنا الإسلامية والعربية؟! بل كيف نغلق الباب في وجه كل غازي ونمنع كل متسلل يريد أن يتحكم في مصائرنا وثرواتنا من أعداء ديننا وعروبتنا من كل مستعمر أو غاصب؟!
بالسلاح الذي نشتريه من أعدائنا والذي نحتاج إلى تغييره بين سنة وأخرى بما يخترعونه مجدداً من وسائل الدمار ليبيعوه علينا مستغلين سذاجتنا وثرواتنا التى نعتقد أن بلادنا وشعوبنا أولى بها من هذا الابتزاز الضائع.. فنحن لو سلمنا من فتنهم وتحريضهم لن نتحارب ولن تقوم بيننا حرب ونستطيع أن نسوي أمورنا بدون سلاح ولكنهم بوسائلهم الشيطانية يبذرون بيننا بذور التفرقة وينفثون روح العداء لنشتري منهم السلاح لنستعمله ضد بعض أو لا نستعمله مطلقاً.. ولكن نشتريه وندفع ثمنه لمجرد الاحتياط ثم نفاجأ بسلاح جديد يجعل من سلاحنا الذي دفعنا فيه الملايين نوعاً من الخردة التي يجب أن تلقى في البحر أو تنقل إلى متحف الآثار الحربية..
في إعتقادنا أن هذا الصد وهذا المنع لن يكون بالسلاح المدمر أبداً ولكن بسلاح من نوع آخر هو سلاح القضاء عن مصادر السخط وتحسس أحاسيس الشعوب ومعالجة آلامها ومواجعها وإقامة العدل وإشاعة الحب وتحقيق الاستقرار..
وأمامنا الشواهد من التاريخ القديم والحديث ففي القديم ظهرت كثير من الدعوات المماثلة للشيوعية والاشتراكية فلم تجد أي صدى وذهبت أدراج الرياح ولم نسمع عن انقلاب أو ثورة في العهود الإسلامية الأولى حينما وجد التلاحم بين الحكام والمحكومين بحق وصدق..
وفي العهد الحديث هذه أمريكا وأوروبا الغربية لا انقلابات ولا ثورات ولا غزو ولا تسلط ولا تشريد ولا إفناء كما يفعل بنا في ديار الإسلام والعروبة.. انقلابات وثورات ومذابح..
ماذا عند الشيوعية من خير تخشى أن يجذب شعوبنا المسلمة؟! إن الشيوعية في نظرنا كالمسيح الدجال تماماً، كلام معسول ووعود كاذبة وأحلام كالسراب من بعيد حتى إذا جاءه لم يجد شيئا، والرخاء والنعيم وكل ما يضحكون به على ذقون الشعوب مقصور على العلية من القوم من الرؤساء والوزراء وأعضاء الحزب. أما الشعوب – أما الرعية فهم كالسائمة يعملون بالمعاش ويأكلون كالأنعام ويحشرون في المساكن كالحيوانات في الحظائر كل أسرة في غرفة من الشقة، الكل يجب أن يعمل لمصلحة الحكومة حتى آخر أكذوبة طلعت بها دولة تسير في فلك الإشتراكية "البيت لساكنه" وفي عبارة مغرية ولكنها مجرد أكذوبة نزعت ملكية السكن من مالكه وتقاضت الدولة أجرته من الساكن وكل شعارات الشيوعية والاشتراكية من هذا النوع الذي ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب، ولو أن هذه الشعوب زارت الاتحاد السوفياتي ورأت كيف يعيش هذا الشعب والشعوب التي تقع تحت حكمه لعادت كافرة بالشيوعية وجناتها الموعودة.. ولكن مع الأسف لا تسمع الشعوب إلا الكلام الزائف والوعود المعسولة ولا يقدر لها أن تقف على الحقائق.
وماذا تريد الشعوب الإسلامية والعربية من حكامها؟ لا تريد إيجاد المعدوم وتحميلهم فوق طاقاتهم لتحقيق الرفاهية ورغد العيش ولكنها تريد الإحساس بالمشاركة وألا يستأثر الحكام وأقربائهم وأتباعهم بخيرات البلاد ويكون ربط الأحزمة على البطون وشظف العيش والتقشف مقصور على الشعوب..
إنهم إن فعلوا ذلك ناموا ملء جفونهم فلن تستطيع الشيوعية الاقتراب من حصونهم المنيعة.
معلومات أضافية
- العــدد: 87
- الزاوية: رقيب اليوم
- تاريخ النشر: 9/3/1402ﻫ
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.