مواد البناء.. وتجار القطاعي!
عندما أعلن معالي وزير التجارة في الندوة الاقتصادية التي عقدها نادي مكة الثقافي عن قرار تحديد أسعار مواد البناء بعد أن طغى ارتفاعها.. استبشر المواطنون خيراً وتوقعوا أن ينعكس ذلك على أسعار مواد البناء وأسعار المقاولات المعمارية، ولكن لم يتحقق شيء من هذا. وظلت الأسعار كما هي. بل ارتفع بعضها..
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتثبيت سعر الأسمنت وتوفيره في الأسواق وتحمل الدولة المصاريف الضخمة للتفريغ بالطائرات، مازال السعر مرتفعاً، وهو 22 ريالاً بسبب أجور النقل، وربح تاجر القطاعي. إذ لا شك أن غرامات التأخير قد انخفضت كما أن تقدير أجرة النقل من جدة إلى مكة بأربعة ريالات كثيرة جداً، والسماح لموزع القطاعي ريالين على القطعة أيضاً كثير لأن الأسمنت يباع بالمئات.. وأنا أعرف موزعي أسمنت مستعدين للاكتفاء بنصف ريال في القطعة، إذا بعثت لهم شركة الأسمنت أو وزارة التجارة كميات يومية بانتظام تغطى مصاريف المحل، لا أن ترسل يوماً وتعطل أسبوعاً.
منذ عام واحد كان سعر المتر المربع في البناء بخمسمائة ريال، وارتفع فجأة وخلال عام واحد إلى ألفي ريال أو ألف وثمانمائة ريال، أي تضاعف أربعة مرات خلال عام واحد.. وإذا كانت أجرة العامل التي يتحجج بها المقاولون تضاعفت أربع مرات فعلاً، فهل تضاعف سعر مواد البناء كذلك؟!
لا أظن، ولكن الخوف من زيادة ارتفاع أجور العمال هو الذي دفع المقاولين إلى التحفظ وطلب الأسعار المرتفعة هذه..
وإذا كان هذا السعر للبناء سوف يستمر، فكيف يمكننا التغلب على أزمة السكن أو التحكم في أجور العقار، إن من يقوم بالتعمير في ظل الأجرة السائدة، وهي ألفا ريال للمتر المربع لا يستطيع تأجير الشقة بأقل من عشرين ألف ريال وهي أجرة فوق الطاقة وغير معقولة.
إن الخطوة الأولى نحو تثبيت الأسعار الحقيقية دون جشع أو استغلال في إلزام المستوردين والباعة بوضع الأسعار على البضائع والإعلان عنها بالصحف.
ولقد أيدنى كثير من القراء عندما قلت في كلمة سابقة أن ارتفاع الأسعار مصدره الحقيقة الموزعون وليس المستوردين وإن كان بعض المستوردين ضائع في ذلك.. إن أصحاب الدكاكين وموظفيهم هم الذين يضعون الأسعار يومياً على ضوء الطلب.
وكلما كثر الطلب على شيء ارتفع السعر في اليوم الثاني ولعل صاحب الدكان نفسه لا يدرى، وربما أدخل الموظف فرق السعر في جيبه الخاص لأن البضاعة مقيدة عليه بالسعر الأول..
قال محدثي: أنه منذ أسبوعين سأل عن قيمة مروحة كهربائية فقال له البائع 250 ريال، وبعد أسبوع قال له 260 وفي الأسبوع الثاني طلب 270 نفس البائع ونفس المحل وأكد المتحدث أن هذا هو شأن أكثر محلات بيع الآلات الكهربائية، والدليل على هذه الفوضى هو اختلاف السعر بين محل ومحل للماركة الواحدة والمقاس الواحد من هذه الآلات.
وقال لي متحدث آخر: إن تجار مواد البناء من حديد والأدوات الصحية والكهربائية يرفعون السعر يوماً بعد يوم حتى أربكوا المقاولين، وجعلوهم يتوجسون الغد وأسعار الغد بحذر..
أما كيف استمرأ الموزعون ذلك، فهو نتيجة لتجار الشنطة من الزوار والمعتمرين الذين يشترون هذه البضائع، كما يقال لهم لعدم وجودها في بلادهم.
ونفس الشيء متبع في الأصناف الأخرى، فالموزعون هم المتصرفون في الأسعار وهم (ترمومتر) الأسعار، وهم الذين يجب أن تتجه الرقابة والتحديد إليهم مباشرة بعد التحديد من المستوردين لأن التحديد على المستورد وحده لا يكفي ولن تحل المشكلة..
فهل تنشط وزارة التجارة ومراقبتها لتحقيق الأهداف السامية التي أعرب عنها سمو ولى العهد المعظم في حديثه الحكيم الذي كان موضع التقدير والارتياح من جميع المواطنين.
نرجو.. بل نرجو في إلحاح.
الأسعار والمراقبة
تحية لمعالي السيد حسن شربتلي على إعرابه لمعالي وزير التجارة عن استعداده لبيع إيراداته بسعر التكلفة مع ربح رمزى، نعم تحية له وإهابة لجميع التجار عندنا أن يقتدوا به بشرط ألا يكون ذلك مجرد كلام للإعلان عنه بالصحف بل نريده عملاً تنفيذياً.. ولا نريده أيضاً عن طريق وزارة التجارة وإشغالها بالبيع والمتاجرة، بل نريد من كل تاجر صادق أن يفتح مخازنه ويعلن عن أسعاره بالجملة ويوفر بضائعه في الأسواق ويترك لنا نحن المستهلكين محاسب البائعين.. نعم يعلن لنا الأسعار بالجملة أو القطاعي إن شاء ويترك للجمهور مراقبة البائعين والموزعين والإبلاغ عن حالات الجشع حتى يلقى صاحبها ما يستحقه.. إنني أهيب بعمال السيد حسن شربتلي هو وأمثاله من المستوردين لجميع المواد ضرورية وغير ضرورية أن ينشروا بالصحف بياناً عن أسعارهم الحالية ويتركوا الرقابة والمحاسبة لنا ولوزارة التجارة، أما المراقبة بدون أسعار فإنها ليست ذات جدوى.
معلومات أضافية
- العــدد: 131
- الزاوية: غير معروف
- تاريخ النشر: 13/7/1396ﻫ
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.