القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 161 زوار المتواجدين الآن بالموقع
الثلاثاء, 29 يناير 2013 20:09

على المسلمين أن يكونوا يداً واحدة

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

استمع العالم الإسلامي والعربي إلى الخطاب الملكي الحكيم الذي وجهه جلالة الملك المعظم إلى وفود بيت الله في الحفل الذي أقامه جلالته لهم كعادته كل عام وأذيع في نفس الوقت عبر الأثير إلى جميع أنحاء العالم.

لقد كان خطاباً رائعاً تجلت فيه الحكمة البالغة والإحاطة بكل ما يدور في هذا العالم من مكائد ودسائس لمحاربة الإسلام وتضليل المسلمين وتفريق شملهم.

«كلنا يعلم المساعي المبذولة بأساليب شيطانية للقضاء على هذه الروح الإسلامية بمبادئ وبدع وضلالات زخرفوها للناس ليجتذبوا بها عقولاً عميت عن الهدى وتفرق المسلمون قبائل وشيعا ولكنه مادام هذا القرآن بين أيدينا وسنة رسوله واضحة فلن يعدم ذلك أن تقوم فئة بنصرة الحق ونشر مبادئه والدعوة إلى جمع كلمة المسلمين في صعيد واحد».

ثم تعرض الخطاب الحكيم إلى أحوال المسلمين في القرن الماضي وكيف كانت الأقطار الإسلامية مغلوبة على أمرها يتصرف فيها الاستعمار كما شاء وكيف قسمت تلك البلاد بين الاستعمار كما تقسم الغنيمة واستؤثر بخيراتها حتى أذن الله فقامت شعوب من شعوب تلك الأقاليم تطالب بحقوقها وتناضل عن حريتها وسالت في سبيل ذلك الدماء.. دماء الشرف والحرية والاستقلال ثم تجاوبت الصيحات في آسيا وأفريقيا واستقلت دول هنا وهناك وما تزال عدوى الحرية تسرى في كل بلد إسلامي حتى أقضت مضاجع الاستعمار وأخذ يسلم بالواقع وينكمش شيئاً فشيئاً إلى أن يلقى مصيره المحتوم وهو الزوال.

ثم وجه جلالته الدعوة إلى مسلمي العالم أن يتعاونوا ويتكاتفوا لإقامة رابطة إسلامية قوية تعمل لإقرار السلام الذي دعى إليه الإسلام وإنقاذ العالم من ويلات الحروب التي ستدمر كل ما نصبو إليه من أهداف وتبدد كل ما نسعى إليه من آمال.

واستطرد الخطاب الملكي الكريم إلى إنشاء الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة والأهداف السامية من إنشائها والعلماء من المسلمين الذين استقدموا ليضعوا برامجها وينظموا مناهجها وكيف أنها ستفتح أبوابها للطلاب من جميع أنحاء العالم وخاصة من مسلمي آسيا وأفريقيا الذين يتشوقون إلى أخذ الإسلام من منبعه.

وانتقل الخطاب من الصعيد الإسلامي إلى الصعيد العربي فقال:

«كلنا نعلم ذلك التكالب الاستعماري العدواني الذي اشتركت قوى الاستعمار من مشرقها إلى مغربها على فلسطين العزيزة التي تشتمل على أولى القبلتين وثالث الحرمين لم يشذ نفر واحد، ولم يظهر من أحدهم بادرة تدل على أن ضميراً إنسانياً أصيب بأي وخزة بل كانوا يتشفون ويتلذذون بهذه الجريمة التي أقدموا عليها من إخراج أكثر من مليون نسمة شردوا من ديارهم.

إن المعتدين ومن ساعدوهم يظنون أنهم بمساعدات هزيلة يستطيعون أن يخففوا من جريمتهم أو يكفروا عن خطيئتهم.. إن اللاجئين في غنى عن هذه المساعدات إذا أعيدت لهم حقوقهم المسلوبة وأموالهم المنهوبة.

وليس من العدل والحق والشرف في شيء أن يطرد ويسلب أخوة لنا ثم لا ننتصف لهم ونهب لنجدتهم ورفع الحيف الذي حاق بهم. ونحن من هذا المكان نعلن أننا عاملون مع إخواننا المسلمين والعرب ومع كل من يناصر العدالة والحق في سبيل نصرتهم واسترجاع حقوقهم وإعادتهم إلى ديارهم المغتصبة وسنمحق الأعداء بإذن الله ولو كره الكارهون».

وانتقل الخطاب بعد ذلك للتحدث عن مأساة شعب الجزائر, هذا الشعب الحر الذي بذل من الدماء في سبيل حريته وما زال يبذل بصورة تدعو إلى الإعجاب بهذه الروح الغالية التي يتمتع بها هذا الشعب المكافح فيلقى بها الموت وهو باسم لا يجد اليأس إلى نفوس أفراده سبيلاً.

والنقمة على أولئك الغلاة من المستعمرين الذين يزعمون أنهم أنصار الحريات ودعاتها مع أنهم أشد أعدائها والعاملين على القضاء عليها.

انتقل الخطاب إلى هذه المأساة فقال:

«إنني من هذا المكان احيي الشجاعة والبسالة في شعب الجزائر المكافح الذي سيصل بحول الله إلى أهدافه التي نتمناها له في أقرب وقت فقد ضرب ذلك الشعب المثل الأعلى للعالم كله في ثباته ونضاله مع قلة العدد والعدة أمام دولة تزعم أنها في مصاف الدول الكبرى.

أما نحن فلهم منا كل عون مادي نستطيعه وكل تأييد في كل موقف من المواقف وستظل علاقتنا مقطوعة مع فرنسا حتى تنجلي الأمور وتصل الجزائر إلى أهدافها من حرية واستقلال».

ثم استطرد الخطاب إلى العدوان البريطاني المتكرر على مناطق الجنوب العربي وعُمان والبريمي وأعلن الخطاب بأننا لن نتساهل بحقنا ولا في حق أي مسلم أو عربي حتى يأذن الله بالنصر.

ثم انتقل الخطاب للتحدث بنعمة الله وأفضاله في التوفيق لتحقيق بعض الأعمال الهامة في سبيل توفير وسائل الراحة والأمن لوفود بيت الله ومن ذلك مشروع توسعة الحرم المدني الذي صرف عليه خمسين مليوناً من الريالات ومشروع توسعة المسجد الحرام الذي رصد له خمسمائة مليون ريال وإعادة تسيير الخط الحديدي الحجازي الذي يربط دمشق بالمدينة وسيتمكن المسلمون من استعمال هذا الخط في حجهم بعد حج قابل وذلك بمشيئة الله وتوفيقه، وما اعد من برامج لتخطيط مكة وتوسعة وإنارة شوارعها وتنظيم المنطقة التي تضم المشاعر الحرام والطرق المؤدية لها، وتوفير مياه الشرب لحجاج بيت الله الحرام، والأمر بإنشاء مجلس أعلى للتخطيط ليضطلع بمهمة إعداد البرامج الطويلة المدى والخطوط العريضة للنهوض اقتصاديا بالبلاد في جميع المجالات الاقتصادية.

هذا هو بعض ما جاء في الخطاب الملكي الكريم الذي أراد جلالته أن يعلنه لضيوفه الكرام من حجاج بيت الله بهذه المناسبة السعيدة مناسبة لقائهم بجلالته في هذه البقاع الطاهرة وهذا الموسم الإسلامي العظيم الذي هو عبارة عن مؤتمر إسلامي عام دعي إليه المسلمون من ربهم ليشهدوا منافع لهم ويتشاوروا في أمورهم ويعملوا على توحيد صفوفهم وجمع كلمتهم وما فيه خيرهم بل خير البشرية جمعاء.

وهو خطاب – كما يظهر من هذه الفقرات القليلة منه – جامع واضح صريح يستطيع المسلمون والعرب في كل مكان أن يتبينوا من خلاله سياسة هذه الحكومة الداخلية والخارجية في المجالين العربي والإسلامي دون أي لبس أو غموض.

حفظ الله المليك وسدد خطاه وزاده من توفيقه.

معلومات أضافية

  • العــدد: 718
  • الزاوية: كل صباح
  • تاريخ النشر: 10/12/1380ﻫ
  • الصحيفة: الندوة

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا