القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 152 زوار المتواجدين الآن بالموقع
الثلاثاء, 29 يناير 2013 20:50

الذين يعيشون معنا.. بأجسامهم فقط

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

إلى أخي المواطن الغيور.

كان بودي أن أرد على رسالتك الشخصية برسالة مماثلة أضع لك فيها النقط على الحروف وأصحح فهمك للأوضاع لعل الله يهديك إلى الصواب ثم يهدي بك آخرين ولكنك مع الأسف أثرت الاستخفاء – أسلوب الذين لا يؤمنون بما يقولون ويستحون مما يعملون-.

لذا أجدني مضطرا أن أجيبك بهذه الرسالة المفتوحة..

أولا سأعرض عن ما جاء في رسالتك من سباب وشتم غير مستغرب فذلك أدب المدرسة الناصرية التي تخرجت منها وأنت طبعا على دين أساتذتك ومعلميك ابتداء من السيد الرئيس إلى الذنب الأخير السيد أحمد سعيد..

تزعم – بحكم التربية الناصرية التي نشأت عليها- إنني أعيب على أناس يعتبرون مشاكل الوطن والبحث فيها أجدى وأنفع من مهاترات وسباب لا تنفع إلا الأعداء، وأنا أتحداك أن تدلني على أية كلمة صدرت مني أو من غيري ونشرت بالندوة تحمل هذا المعنى ولكن الذي عنيته حقا هو التمسح بمشاكل الوطن والتستر خلفها فرارا من أكبر معركة وطنية نخوضها الآن ضد الافتراء والتضليل والتدخل في شئوننا الداخلية ولا أجد ما أفسر به فهمك لما قلت إلا قول المتنبي – عفا الله عنه –

وكم من عاتب قولا صحيحا وافته من الفهم السقيم

وتقول - وبنفس الطريقة الناصرية في المغالطة وقلب الحقائق وتسمية الأسماء بغير مسمياتها واتهام جميع المخالفين بالعمالة للاستعمار. إننا ممن يبحث عن لقمة العيش حتى ولو كانت في خدمة الاستعمار بعد أن أضفيت ما شئت من نعوت النزاهة والأمانة والإخلاص والشرف على أصدقائك من الناصريين وأنا أكتفي في التعليق على هذا الكلام بأن أسألك هذا السؤال وأترك الإجابة لك وللقراء.

من هو الذي يخدم الاستعمار؟!

أهو من يجند قلمه وفكره ويعرض نفسه لأكبر التضحيات في سبيل الدفاع عن عقيدته وكيان وطنه؟!

أم هو الذي يعيش داخل وطنه عميلا وظهيرا لأعداء عقيدته ووطنه؟!

أما استغرابك من مهاجمتنا لعبد الناصر وسكوتنا عن بورقيبة وقاسم فإنه استغراب في غير محله لأننا لم نبدأ سيدك ومثلك الأعلى بهجوم بل صبرنا على الكثير من تدخله في شئوننا وغزو بلادنا وشبابنا بأفكاره ومبادئه الهدامة حتى نفد الصبر أو كاد وظللنا نتحمل افتراءات وأكاذيب أبواق دعايته وصحافته المؤممة حتى خرج علينا بنفسه يشتمنا بلسانه ويتهمنا بالرجعية والعمالة للاستعمار ويتهددنا ويتوعدنا بالفناء والقضاء قبل إسرائيل فاضطررنا أن ندافع مجرد دفاع فقط.. اقتضانا أن نكشف كثيرا عن الحقائق ونوضح كثيراً من الخفايا كأدلة على مدى الكذب والافتراء والتضليل والتزييف فيما تتضح به تلك الأبواق ليل نهار.

وما لنا ولقاسم وبورقيبة وعملهما محصور في بلادهما ولم يتعرضا لنا بسوء في عقائدنا ولا كيان وطننا ولم يتوعدانا بالويل والبثور.

أما خدمة الوطن، ومساعدة الفقير، ونشر شكاية المظلوم، ومشاكل القرى والمدن وآلامنا وبؤسنا وفقرنا وجهلنا إلخ السلسلة التي سردتها في رسالتك فإن علاج هذه المسائل لا يأتي نتيجة للولاء والعمالة للناصرية والإيمان بها والانتماء إليها ومحاربة المبشرين بفسادها والكاشفين لمعايبها وزيفها والاستعانة بأساليبها الشيوعية.

إن معالجة هذه الأمور ينبغي أن يجرى داخل بلادنا وعلى أسس من عقائدنا وتقاليدنا دون استيراد أي مبادئ من الخارج كما تفعل كل أمة تشعر باستقلالها وكرامتها لا بالاقتداء بمن ضل سعيهم في الحياة الدنيا ويحسبون أنهم يحسنون صنيعا.

أما إذا كنت لا تعرف أن الناصرية بجميع شعاراتها البراقة لم تستطع – خلال عشر سنوات – أن تقدم للشعب المصري أي حل لمشاكله الاجتماعية والاقتصادية بل مضت بها من سيئ إلى أسوأ.. إذا كنت لا تعرف ذلك وتعيش هنا مخدوعا بما تقرأ وما تسمع فإني أنصحك أن تنتقل إلى المجتمع المثالي الذي تتوهمه وتعيش فيه شهرا واحدا وأنا كفيل بأن تعود بعده كافرا بالناصرية لاعنا مستقبل أجدادها.

إنني أنصحك بأن تذهب إلى هناك. إلى الجنة الموعودة لترى عن كثب كيف تبدد الثروة القومية على الدعايات والأبواق والأذناب والهتافة - من أمثالك! -

وكيف يعيش سواد الشعب المصري في ضنك من العيش وكبت من الحرية وإهدار للكرامة وتعذيب للأحرار دون أن يستفيد من مليم واحد من تلك الأموال الضخمة التي استولى عليها من مخلفات فاروق والأسرة المالكة ومن أسموهم بالإقطاعيين والرأسماليين والمستغلين وأخيرا باسم الاشتراكية والتأميم والعدالة الاجتماعية..

اذهب يا أخي المواطن الغيور – إن كنت حقا غيورا على وطنك وأبناء وطنك - .. اذهب إلى هناك وخالط الشعب المصري وابحث عن شيء مما تقرؤه وتسمعه من أبواق الدعاية. ثم تعال وحدثني بما رأيت حقاً وما سمعت صدقا.

أما إذا كنت لا تريد أن تذهب إلى هناك فاذهب إلى الشقيقة سوريا. إلى سوريا فقط لتسمع بأذنيك وترى بعينيك آثار الاستعمار الناصري وأفاعيله في ذلك البلد الشقيق الذي قدم نفسه قربانا على مذبح الوحدة فتحمل وحدة جريرة تلك التجربة القاسية.

اذهب إلى سوريا لتسمع وتشاهد ما يشيب من هوله الولدان فقد بلغ التخريب والإفساد لكل أجهزة المجتمع السوري شأناً لم يبلغه في أظلم عصور الاستعمار الفرنسي كما شهد بذلك السوريون أنفسهم ونشروا قصصه وصوره على العالم.

اذهب هنا أو هناك فإنه والله يعز على وأنت "مواطن عزيز" كما تزعم أن تعيش مخدوعا مخدرا سادرا في الضلال بتأثير تلك الأجهزة الدعائية التي لا تفتر عن التضليل والتزييف والافتراء وتوزيع الأحلام والأماني بغير حساب.

وبعد.. فإني قبل أن أختم رسالتي هذه إليك أود أن أسألك هل أنت وطني وغيور على وطنك بحق؟!

وإذا كنت كذلك أيكون من الوطنية الصادقة أن تتباهى بانتقاد غيرك لأوضاع بلادك والتشهير بها لا شفقة عليك ولا غيرة على مصلحتك إنما انتقاما وإرضاء لغروره..

هل من الوطنية الصادقة أن تتباهى بذلك وتتلذذ به أنت وقدوتك الحسنة في الوطنية والشرف والنزاهة – في الوقت الذي تجبن أنت عن توجيه النقد أو إبداء الملاحظة.

ثم هل من الوطنية الصادقة أن تجرب عضلاتك دائما في الهجوم على المسئولين في حكومتك وتناقشهم الحساب في كل صغيرة وكبيرة ليقال أنك نقاده شجاع ثم تنزوي وتتحلى بفضيلة الصمت عندما يتعرض وطنك ودينك لأقسى هجوم.. هجوم مغرض لحمته الافتراء وسداته التزييف.

هل من الوطنية الصادقة أن تسمع وتقرأ تهمة بلادك بأنها تضع العراقيل في سبيل الحجاج وتصدهم عن بيت الله وهي تهمة خطرة بالنسبة لبلادك كمعقل للإسلام وأنت تعرف جيدا أن هذا الكلام كذب في كذب وأن كل ما فعلته بلادك هو أنها طلبت أن يحمل حجاج مصر نقودهم بأيديهم كالحجاج الآخرين بدلا من دفعها لحكومتهم التي لم تسدد ما قبضته من الحجاج في العام الماضي إلى الآن وأصبحت أموال بلادك في خطر بعد أن كشفت حكومة مصر في شيوعيتها التي تستبيح أكل أموال الناس.

حقيقته وفيه ما فيه من أشد أسباب الاستغضاب فلا تغضب لوطنك وتعبر عن استنكارك لهذه التهمة بأي وسيلة من وسائل الاستنكار؟!

وأخيرا هل من الوطنية الصادقة – وحالك كما سلف – أن تسل قلمك لتهاجم أولئك الذين تطوعوا للدفاع عن وطنك والذود عن كرامته وتتبجح عليهم في تطاول مقيت ثم تسخر من صحافة بلادك لتقول : من يقرأ جريدة الندوة ؟ ومن يقرأ جريدة البلاد؟!

ولكن من يقرأ صحافة مصر؟ وهو نفس ما قاله سيدك عن صحافتنا، عندهم شوية صحف ما حدش بيقرأها.

وكأنك بهذا تهون من شأن صحافة بلادك في الوقت الذي تشيد فيه بصحافة الكذب والتزييف والتضليل.

والذي أحب أن أؤكده لك هو أن صحافة صاحبك قد انتهت ولم يعد يقرأها أحد إلا هواة الخلاعة وأنصار العرى وعشاق أدب الفراش.

أما طلاب المعرفة ونشاد الحقائق والباحثين عن الصدق فإنهم قد انصرفوا عنها نهائيا وتضاعف توزيع صحف بلادك بعد أن عرف الناس عنها الصدق وتحرى الحقائق ومعذرة أن أحزنتك هذه الحقيقة وساءتك بحكم تبعيتك للخارج.

وهل من الوطنية والشرف والنزاهة والإخلاص أن تؤمنوا أيها الناصرون هذا الإيمان الأعمى بما يقول زعيمكم ورائدكم من أن جميع حكام العرب عملاء وخونة وأذناب استعمار وفيهم من فيهم من رواد الوطنية والكفاح الوطني – وأن تيتو – وهو أكبر عميل للاستعمار ولاعب على الحبلين – أولى بصداقته من حكام العرب، وأن أونو ونكروما صديقى بن غوريون أحق بالعناق والأخذ بالأحضان من حكام العرب وزعماء العرب.

وإلى رسالة أخرى إذا أردت إيضاحا أكثر والسلام على من اتبع الهدى.

معلومات أضافية

  • العــدد: 958
  • الزاوية: يوميات الندوة
  • تاريخ النشر: 24/9/1381ﻫ
  • الصحيفة: الندوة

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا