الأزمات المتوالية ..
وعلى الرغم من كل التصريحات التي يرسلها المسئولون والغرف التجارية ووزارة التجارة فإن أزمة التفريغ في ميناء جدة ما تزال قائمة يعانى منها التجار أبلغ الأضرار..
منذ أول هذا العام ونحن نمر بأزمات متتالية دون أن نجد حلاً عملياً لهذه الأزمات عدا ما نشرته الصحف من القول بأن جهات الاختصاص قد تغلبت على الأزمة في الوقت الذي لم يحصل شيء من هذا..
هذا هو الواقع فعلاً باستثناء أزمة السكر التي عملت الحكومة على التخفيف منها بقدر الإمكان بما قدمته من معونات ولولا هبوط أسعار السكر في أسواق العالم لظلت الأزمة مستمرة حتى الآن ولظلت الدولة تصرف الملايين من أجل تحقيقها..
أما أزمة الأسمنت.. أزمة اللحوم.. فقد ظلت هاتان الأزمتان تتأرجحان بين القوة والضعف ولكنهما لم تنتهيا على كل حال.
أما الأزمة الجديدة فهي أزمة الدقيق فإني أتوقعها أعنف أزمة سنمر بها بالنسبة لمتطلبات موسم الحج.
وأزمة الدقيق هذه ليست ناتجة عن ارتفاع أسعاره في الخارج أو عدم توفره كما هو المفروض ولكنها ناتجة عن عوامل عادية كان من المفروض تلافيها لو أن هناك جهة مسئولة عن حاجات البلاد التموينية وقائمة فعلاً على رعاية هذه المسئولية.
فالعامل الأول في أزمة الدقيق هو إضراب عمال الشحن في بعض الموانئ الأمريكية بضعة عشر يوماً وكان المفروض أن إضراباً كهذا لا يمكن أن يعطى هذا التأثير الكبير فللدقيق مصادر غير أمريكا ومخزون البلاد من الدقيق يجب أن يزيد على مدة الإضراب بكثير لئلا تتعرض البلاد لمجاعة لو تجاوز الإضراب تلك المدة أو بلغ ضعفها.
أما العامل الثاني ما عمد إليه بعض المحتكرين والمستغلين من المسارعة إلى شراء موجود الدقيق لدى المستوردين الكبار واحتكاره وخزنه ورفع أسعاره.
وهكذا يتحقق أن أزمات الأسمنت واللحوم والدقيق إنما هي أزمات استغلالية احتكارية ينبغى أن يوضع لها حلول جذرية دائمة لا يتعرض الناس لقيامها بين الحين والآخر.
فالأسمنت مثلاً ظل محتفظاً بسعره الأساسي لدى شركة الأسمنت ولكنه ارتفع ارتفاعاً فاحشاً عند الموزعين المحتكرين وكان المفروض أن يحرم من التوزيع كل من يبيع بأكثر من السعر الرسمي وتحتفظ الشركة بإنتاجها لتوزيعه على المستهلكين رأساً دون وساطة الموزعين الذين استغلوا الموقف أسوأ استغلال.
واللحوم أيضاً عمد المورد الكبير إلى خفض الأسعار واحتكار الأسواق حتى تمكن من إخلاء الميدان من الموردين وسيطر على السوق فراح يتحكم في الكميات التي أثرت على الأسعار أسوأ تأثيراً وكان المفروض أيضاً أن يكلف هذا المورد بتقديم نفس الكميات التي تحتاجها الأسواق يومياً حتى ينفذ الموجود ويتساوى الناس في الحرمان من اللحوم أو يرد جديد ويبقى السعر كما هو..
ونفس الشيء بالنسبة لأزمة الدقيق فلو عرف المحتكرون والمستغلون أن هناك جهة مسئولة سوف تضرب على أيديهم بشدة إذا حاولوا بيع ما اشتروه بأكثر من السعر المحدود لما ظلوا هكذا يعيشون كالخفافيش في الظلام ظلام الأزمات يتحينون الفرصة للصيد في الماء العكر يكنزون الذهب والفضة فإذا ما لمحوا بارقة من أزمة أخرجوا كنوزهم يحتكرون بها قوة الناس وحاجياتهم غير آبهين لوعد أو وعيد أو خوف من الله أو عباده.
وتأتى على رأس قائمة هذه الأزمات أزمة التفريغ في ميناء جدة التي أضرت بمصالح كثير من التجار وكانت سبباً في ارتفاع أجور الشحن إلى ميناء جدة بل رفضت بعض شركات البواخر قبول نقل البضائع إلى جدة بسبب المدة الطويلة التي تمضيها الباخرة داخل الميناء ريثما يأتي دورها للتفريغ.
كل هذه الأزمات يلاقيها الناس ثم لا يجدون لها تفريجاً إلا على صفحات الصحف فقط رغم مضى شهور عديدة عليها.
وعلى الرغم من كل التصريحات التي يرسلها المسئولون والغرف التجارية ووزارة التجارة فإن أزمة التفريغ في ميناء جدة ما تزال قائمة يعانى منها التجار أبلغ الأضرار دون أن يفرض على متعهد التفريغ بتشغيل عماله ليلاً ونهاراً بالتناوب خلال 24 ساعة وإلزام موظفي الجمارك بالعمل بنفس الطريقة لمواصلة التفريغ وإنهاء الأزمة إنهاء عملياً.
وأزمة اللحوم ما زالت مستحكمة رغم الاجتماعات المتكررة دون التمكن من وضع حل جذرى يضع حداً لها.
وأزمة الأسمنت تبرز وتختفي حسب الظروف وملابسات الاستيراد.
أما أزمة الدقيق فقد جاءت ضغثاً على إبالة وأصبح الرغيف مسخوطاً والكعك عجيناً وأصحاب الأفران يتصرفون دون رقيب أو حسيب بحجة أزمة الدقيق.
الحقيقة المرة أننا نفتقد الحزم في كثير من أعمالنا ونتعامل بالعاطفة أو المجاملة وهذا هو السر في الكثير مما نعانيه.
إننا نقترح انتباه وزارة تموين أو إضافة ذلك إلى وزارة التجارة بحيث يسند إليها الإشراف التام على الاستيراد وتوجيهه نحو ضمان توفير احتياجات البلاد التموينية بانتظام تلافياً لهذه الأزمات المتعاقبة وإخضاع كل ذلك لتسعيرة جبرية يعاقب مخالفها يجعله عبرة لغيره ويسد الباب في وجوه المحتكرين والمستغلين والله الموفق.
حماية المصانع
جميل جداً أن تعمد وزارة التجارة إلى العمل على حماية المصانع المحلية من مزاحمة المستورد فقد طربت كثيراً للخبر الذي نشرته هذه الصحيفة عن اتخاذ وزارة التجارة والإجراءات اللازمة لحماية مصنع أكياس الورق بمكة..
وقد تذكرت وأنا أقرأ هذا الخبر مصنع البلاستيك الذي أنشأه المواطن الشيخ محمد أحمد بوقرى وعلمت أنه نجح نجاحاً باهراً في كل مجالاته وبالأخص صناعة (المسابح) وأعنى بها المسابح التي يذكر عليها اسم الله بالغدو والآصال ولا أقصد المسابح التي يسبح فيها السابحون – هذا المصنع لا يزال يزاحم مزاحمة شديدة من تجار استيراد المسابح الذين يستوردون بكميات كبيرة تكاد تعطل إنتاج هذا المصنع مع أن المسابح ليست غذاء وليست من الضروريات التي يخشى عجز المصنع عن تحقيق الاكتفاء الذاتي منها إنني أوجه نظر وزارة التجارة إلى ضرورة الإسراع في حماية هذا المصنع وحمايته من منافسة الاستيراد.
صحافة المؤسسات
لاحظ بعض إخواني الأعزاء أن الجزء المنشور من محاضرتي بجريدة عكاظ مبتور أو ناقص فكتبوا يسألونني هل هذا هو كل معلوماتي عن الصحافة؟..
والحق معهم فالذي نشر بعكاظ هو القسم الأول فقط والذي يمثل نصف المحاضرة تماماً.
أما القسم الثاني والخاص بصحافة المؤسسات فقد اعتذرت عكاظ عن نشره كما كتب ولم أسمح أنا طبعاً بالشطب فلم ينشر لهذا السبب.
لقد قلت في محاضرتي إنني أرجو من إخواني أعضاء المؤسسات أن يفسحوا صدورهم لها وينشرونها بصحفهم ويناقشوها لعلنا نخرج من المناقشة برأي نخدم به صحافتنا وبلادنا وأمتنا.
والآن أعود فأكرر عرض نشر هذا القسم من محاضرتي فما كان فيه حقاً وصدقاً عولج وأصلح وما كان باطلاً (وأعوذ بالله أن أقول باطلاً) دحض وفند..
معلومات أضافية
- العــدد: 123
- الزاوية: اكثر من فكرة
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: عكاظ
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.