الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها
إذا جاز لأي زعيم أو قائد أن يساند الاحتلال ويباركه بل ويبرره، فإنه يظل محرما ًوممقوتاً من زعيم أمضي كل حياته التي بلغت الشيخوخة وهو يناضل ويحارب الاحتلال والاستعمار مع بقية زعماء شعبه وأفراده الذين ضحوا بمليون شهيد وربما أكثر كي يقتلعوا جذور الاستعمار من بلادهم ويطردوا المحتل ويعيدوا وجه بلدهم المسلم العربي الذي يعتبره الاستعمار جزء من فرنسا.
ذلك الزعيم هو الرئيس أحمد بن بيللا والشعب هو الشعب الجزائري الشقيق. وإذا جاز لبعض الغوغاء المنتسبين للحركات الإسلامية في الجزائر أو غيرها أن يسيروا في ركاب الظالمين مخدوعين خلف الشعارات الزائفة لغسل المخ فإن ذلك يبقي ثقيلا ًعلى النفس أن يقبل هذا من زعيم وقائد مثل الرئيس بن بيللا الذي سجل في ماضيه أروع المثل في مكافحة الاستعمار والاحتلال.
وعندما أعلن الرئيس الشاذلي بن جديد الانفتاح على الديمقراطية في الجزائر بعد حكم عسكري طويل وأذيع ونشر عن عودة الرئيس بن بيللا إلي الجزائر لممارسة حقوقه السياسية استبشرنا خيراً وتفاءلنا للجزائر بالخير، وخاصة أن الرئيس بن بيللا كان يظهر في أواخر أيامه بالمنفي ميولاً إسلامية وعربية.
غير أن سيادته وقبل عودته إلي الجزائر عرج على بغداد في زيارة قلنا لعله يريد إستقصاء الحقائق عن قرب ليكون رأيا سليماً في قضية الخليج ويقف موقفاً مشرفاً يوازي مواقفه السابقة من الاحتلال والاستعمار والعدوان على حرمات الشعوب، ومن أحق منه يمثل هذا الموقف؟!
فإذا بعدو الاستعمار ومحرر الجزائر من الاحتلال يتحول بقدرة قادر -هو صدام حسين– إلي أكبر نصير وأقوي مؤيد لاحتلال صدام حسين للكويت والعدوان على حريته ونهب أمواله وتشريد شعبه وانتهاك محرماته بصورة شنيعة لم يفعلها أعدى أعداء الأمة الإسلامية والعربية وترددت أصداء ذلك عبر كل وسائل الإعلام بالصوت والصورة ولم تعد خافية على أحد وطارت أخبارها إلي مختلف جنبات الأرض حتى وصلت جزر (واق الواق) أإن كان لهذه الجزر وجود ولا نتصور أن الرئيس بن بيللا وهو يعيش في فرنسا بلاد الحريات لم يسمع أو لم ير تلك الفواحش اللاإنسانية.
أجل.. عاد من بغداد رأساً إلي الجزائر ولم يحاول أن يعرج على الكويت أو السعودية أو أي دولة من دول الخليج ليرى بأم عينه ماذا فعلت يد صدام بالكويت ويسمع من المجني عليه ماذا عملت يد الجاني وآثار جريمته.. لا ليلتزم الصمت -على الأقل- وذلك أضعف الإيمان وإن لم يكن مقبولاً من زعيم عربي في وزن بن بيللا بل ليشهد بالحكمة لصدام العراق والعقلانية لاحتلاله الكويت وعدالة تصرفاته الغاشمة وثناء على وقاحته وصفاقته التي أدانها كل دول العالم وتنظيماته الدولية بدءاً من جامعة الدول العربية ومروراً بمنظمة المؤتمر الإسلامي وإنتهاءاً بقرارات حازمة من مجلس الأمن الدولي ولم يقف بجانبه سوي شرذمة من الحكام العرب -مع الأسف- استطاع شراء ذممهم وغسل أمخاخهم بالمال والأحلام الوردية التي لا تتجاوز أحلام إبليس بالجنة.
والأنكى من ذلك أنه عند وضع رجله على أرض الجزائر- بلد المليون شهيد في سبيل طرد الاحتلال- لم يكتم إيمانه بصدام العراق حتى أخذ يطالب الشعب الجزائري المسلم أن يحارب في صفوف الظالمين ويسير في ركاب المعتدين لاستكمال القضاء على شعب الكويت العربي المسلم.
يا سيادة الرئيس..
كيف يصدر عنكم مثل هذا الهراء الذي أخذتموه عن حاكم العراق الذي يحكم شعبه بالحديد والنار ويعمل على مد حكمه إلي جميع دول الخليج مبدئياً ثم البلاد العربية كلها كما يملي عليه خياله المريض.
لقد جني صديقك صدام على جميع القضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين المحتلة.. فكيف يطالب العرب والمسلمين باسترداد فلسطين من إسرائيل وهم يمارسون احتلال بعضهم بعضاً؟!.. وبأي منطق تجيزون لصديقكم احتلال الكويت الدولة الحرة المستقلة المعترف بها دولياً والعضو في الأمم المتحدة والجامعة العربية ثم تطالبون بتحرير فلسطين؟!.. إن مفتاح المطالبة بتحرير فلسطين هو تحرير الكويت من عدوان صديقكم صدام.. فانصحوه- لأن صديقك من صدقك لا من صدقك- بالانسحاب العاجل ولا تكونوا كالذي وصفه الله في محكم كتابه فقال: (واتل عليهم نبا الذي أتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين) صدق الله العظيم.
معلومات أضافية
- العــدد: 7
- الزاوية: كل اسبوع
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.