هل نحن صائمون؟!

إذا كان الصيام معناه اجتناب الأكل والشرب فحسب فنحن صائمون من غير شك، أما إذا كان الصيام هو الإمساك عن الطعام والشراب وإطراح الشر ففي المسألة نظر...

الصوم جنة بنص الحديث الشريف أي حجاب يحول بين المرء وبين ممارسة أي نوع من أنواع الشر وإذا قدر للنفس البشرية – أي نفس – أن تخمد فيها نوازع الشر فهي مسوقة – بلا شك وبطبيعة تكوينها – إلى مسالك الخير.

إذن فالصوم فرصة كبرى لإنتزاع ما علق بنفوسنا من أدران الحياة وما اعتراها من انحراف نحو دروب الشر وتوجهها توجيهاً جديداً نحو الخير والحق والجمال..

فإذا أمسكت عن الطعام والشراب وانطويت في نفسك على إلحاق الضرر بآخرين فما أنت صائم إلا إذا طهرت نفسك من هذه البذرة من بذور الشر.

وإذا أمسكت عن الطعام والشراب وأمضيت نهارك وليلك في اغتياب الناس وانتهاك أعراضهم فما أنت صائم حتى تمسك أيضاً عن هذا الذي تقول:

وإذا أمسكت عن الأكل والشراب واستبحت أكل أموال الناس بالباطل أو شرب أموال اليتامى ومن في حكمهم فما أنت صائم حتى تمسك عن هذا النوع من الأكل والشرب.

وإذا أمسكت عن الطعام والشراب ولم تمسك عن الأذى فما أنت صائم حتى يسلم الناس من أذاك..

وإذا صمت عن الطعام والشراب ولم تصم عن الفحش في القول والعمل فما أنت صائم حتى تتوب..

فلنصم كما أراد ديننا لنا، صيام عن الأكل والشرب واللذة لترويض الجسم وصيام عن الشر لترويض النفس وصدق رسول الله: رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والسهر أو كما قال.