القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 184 زوار المتواجدين الآن بالموقع
الاثنين, 08 أغسطس 2011 22:19

3 عقبات في الحج..

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

فإذا كانت النزعة الدينية، والمشاعر الإسلامية هي  التي تدفعنا إلى هذا الإصرار على إفساح المجال لكل مسلم – بل تسهيل ذلك – لأداء هذه الفريضة بصرف النظر عن إمكانياته المادية والصحية فإنني أعتقد أننا مخطئون في فهم حكمة الحج...

تبذل الدولة جهوداً كثيرة، وترصد في ميزانيتها مبالغ ضخمة كل عام في سبيل تنظيم أعمال الحج وتوفير وسائل الراحة لحجاج بيت الله، لا تدخر في ذلك وسعاً ولا تبخل بمال.

بيد أن هناك بعض المصاعب أو العقبات لم تستطع الدوائر المسئولة عن الحج تذليلها أو القضاء عليها فكانت مضيعة لكل تلك الجهود.

فأولى تلك العقبات وأهمها هو مبالغتنا في إكرام الحاج ولا يدهش القارئ من هذا التعبير لأن كل ما تجاوز حده انقلب إلى ضده وهذه بعض أمثلة المبالغة:

1-  إننا نصر على عدم الخوض في استطاعة الحاج ومقدرته المادية أو الصحية على أداء هذه الفريضة - مع أن ذلك شرط في الوجوب – فنستقبل أكثرية ساحقة من فقراء الحجاج ومعلولهم فيضيع القادرون المستطيعون وسط هذا الخضم وتؤدي مطالب الحج في مستوى الأكثرية الفقيرة العاجزة ويستاء القادرون من هذه الحال ويذهبون ساخطين متهمينا بالتقصير والتأخير. 

فإذا كانت النزعة الدينية، والمشاعر الإسلامية هي  التي تدفعنا إلى هذا الإصرار على إفساح المجال لكل مسلم – بل تسهيل ذلك – لأداء هذه الفريضة بصرف النظر عن إمكانياته المادية والصحية فإنني أعتقد أننا مخطئون في فهم حكمة الحج، فالإسلام عندما شرع الحج اشترط لوجوبه الاستطاعة – بكل معانيها – إنما هدف من ذلك إلى كثير من الأهداف.

أولها: ما جعل عليكم في الدين من حرج، وثانيها: كرامة المسلم من أن تذل تحت نير الحاجة والعجز وثالثها: إبعاد أذى المسلم العاجز عن المسلم القادر، ورابعها: لقاء المسلمين في هذا المؤتمر العام ليشهدوا منافع لهم، ويذكروا اسم الله في أيام معدودات، وليتعارفوا ويتدارسوا أحوالهم، ويشدوا من رابطة الأخوة بينهم.

فأين هذه الأهداف من هذا الذي نراه كل عام لفقراء معدومون.. يقطعون الفيافي ليؤدوا الحج بعد أن أنهكهم التعب وسوء التغذية وانعدام النظافة.

وآخرون استطاعوا بكل قوة أن يعدوا لهم راحلة من سيارة أو باخرة، ووطدوا أنفسهم على الصبر على حياة التشرد هنا بين المساجد والشوارع والأزقة، لا يرون ضرورة لاتخاذ مسكن أو يفكرون في مأكل أو ملبس وتكون النتيجة تعب + سوء تغذية ÷ فقدان نظافة = مرض أو هزال أو حالة لا يتأتى معها ذكر الله، ولا مشاهدة منافع ولا تحقيق لأي هدف من أهداف الحج.

إن هذا الذي نراه إكراماً بل مبالغة في الإكرام إنما هو في الواقع إساءة إلى الفريقين إساءة إلى غير المستطيع لأننا جارينا عاطفته الدينية وحملناه هذه المتاعب  التي في الغالب ما يكون جاهلاً بها أو غير مقدر لها أو مستهين بها في سبيل عقيدته.

وإساءة إلى المستطيع الذي نضطره إلى أداء الحج في مثل هذا الجو، فلو أننا قدرنا لكل حاج تكاليف حجة كاملة بما يمكن ضمان راحته وصحته من مأكل ومشرب ومسكن ونظافة ووسائل انتقال منذ أن تطأ رجله الأرض المقدسة حتى يخرج منها موفور الكرامة، لو أننا قدرنا ذلك واعتبرناه الاستطاعة المشروطة للحج لحققنا الحكمة من مشروعية الحج، وحفظنا كرامة المسلم، واستطعنا تنظيم عملية الحج بما لا يترك مجالاً لناقد أو مؤاخذ مما نشاهده نحن، ونسمعه من الغير رغم كل هذه الجهود والتضحيات الضائعة.

أما بهذا الذي نتصوره إكراماً وتسهيلاً لأداء الفريضة فإن كل جهودنا ستذهب هباء وسيظل الحج عملية غير منظمة ومرهقة وموضع الانتقاد المستمر من الذين يجهلون حقيقة الوضع.

وثاني تلك العقبات المبالغة في مجاملتنا لحكومات بعض الأجناس من الحجاج، فلا تمنع سياراتهم من تضييق شوارعنا ولا نطالبها بمنح حجاجها من النقد ما يكفيهم وتمنع عنه بؤس الحاجة وذل السؤال وتفتح أبواب بلادنا جواً وبحراً وبراً لكل من أطلق على نفسه اسم حاج وتفرح وتبتهج كلما زاد العدد من هؤلاء الحجاج بصرف النظر عما يسببوا لنا الحجاج الآخرين من متاعب ومشاكل.

ثم نطرب عندما يقال لقد بلغ حجاج هذا العام كذا مئة ألف وأن جميع الخدمات أديت لهم على أحسن وجه معتمدين في ذلك على التقارير الرسمية، أما واقع الحال فما أبعد تلك التقارير عنه لو كانوا يعلمون.

فلا المياه كانت متوفرة كما يقولون ولا النظافة كانت حسنة ولا المرور كان خيراً من ذى قبل ولا الخدمات الصحية أديت كما يجب.

ولا تثريب على القائمين بهذه الخدمات فليس ذلك عن قصور منهم، ولكنه شيء فوق الطاقة البشرية، وقد بذلوا غاية الجهد ونهاية المقدور الأمر الذي يستحقون الشكر والتقدير عليه.

وثالث تلك العقبات أوضاع المطوفين  التي تردت سنة بعد سنة وتعالت الصيحات مطالبة بالإصلاح وشكلت لجان ولجان ودرست اقتراحات واقتراحات ولكن خطوة واحدة في سبيل هذا الإصلاح لم تنفذ.

نعم لم تنفذ...

أما السبب في ذلك فهو أن تلك الاقتراحات أو المشاكل ينتهي بها المطاف إلى موظفين في وزارة الحج أو غيرها أبعد ما يكونون عن معرفة أوضاع مهنة التطويف.

فمنهم من يرى – وهو لا يدرك النتائج – أن إلغاء مهنة التطويف وترك الحاج حراً هو العلاج الوحيد وهو في ذلك يقيس الحاج بالسائح مع أن الفرق بينهما كبيرا جداً جداً.

ولو أخذ بهذه النظرية المرتجلة لأصبح الحج عملية فوضوية لا مثيل لها ولتضاعفت متاعب الحكومة والبلاد وأقرب دليل على ذلك ما وقع من حجاج البر خلال السنوات الأخيرة بحكم خضوعهم لتوجيهات شركاتهم الناقلة وعدم سيطرة المطوف عليهم، وأعتقد أنه لا يوجد من يجهل ما نشأ عن هؤلاء الحجاج من مشاكل ومتاعب في مكة ومنى وعرفات.

إننا إذا استطعنا تذليل هذه العقبات الثلاث فإن الحج سيصبح بالنسبة للحاج رحلة ممتعة لا تقل عن متعة رحلات أوروبا بل أمتع بالأجواء الروحية  التي سيحلق فيها الحاج أثناء أداء الفريضة و التي تكاد تكون مفقودة الآن بالنسبة لأكثرية الحجاج بهذا الجو الذي تؤدى فيه هذه الفريضة.

وبالنسبة للبلاد موسماً اقتصادياً يعود على جميع السكان بالخير، ولكي يصل إلى هذا الهدف ينبغي الحزم في اتخاذ هذه الإجراءات.

أولاً: تقدير تكاليف الحج من مأكل ومشرب ومسكن وملبس وتنقلات تقديراً وسطاً وإلزام كل حاج بتوفير قيمة ذلك لاستصحابه معه وإلا عد غير مستطيع ولا حج عليه وبلاده أولى به.

ثانياً: إصدار نظام يحظر التسول وفرض عقوبة على المتسولين وتنفيذه بحزم وإعادة كل حاج متسول إلى بلاده في الحال ليرتدع غيره من القدوم لغرض التسول كما هو واقع فعلاً.

ثالثاً: لا وسائط نقل داخل مناطق الحج مطلقاً إلا في أضيق الحدود بحيث يسبقها إسترحاض وإذن بحيث لا تتجاوز السيارات الصغيرة الخاصة.

رابعاً: إصدار القرارات  التي اتخذت من لجان سابقة مختصة لإصلاح أوضاع المطوفين وتشكيل مجلس أعلا في وزارة الحج من خبراء المطوفين ومثقفيهم للإشراف على أعمال هيئات المطوفين ومتابعة إصلاح الأوضاع والنظر في الاقتراحات وكلما من شأنه تحسين هذه الخدمة.

معلومات أضافية

  • العــدد: 63
  • الزاوية: اكثر من فكرة
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: الندوة
المزيد من مواضيع هذا القسم: « صباح الخير معزوفة الحقوق التاريخية »

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا