صباح الخير
علق سعادة مدير الحج العام على ما سبق أن كتبته حول الأخذ بفكرة التصعيد إلى عرفات على ردين وقال سعادته أن هذا الموضوع لم يبت فيه إلى الآن ومن المنتظر أن يقرر أمره في الوقت المناسب كالمعتاد كل عام.
وأنا عندما كتبت عن هذا الموضوع مبكراً إنما كنت أرمى إلى تهيئة الأذهان لدراسة هذا الموضوع وفي الوقت متسع كبير يمكن تقليب الأمر على وجوهه والاستماع إلى جميع وجهات النظر المختلفة.. وجهة نظر المطوفين.. ووجهة نظر المرور.. ووجهة نظر شركات السيارات.
أما تأجيل بحث هذا الأمر إلى حلول الموسم وضيق الوقت والاضطرار إلى إصدار قرار مرتجل بالرد أو الردين فإنني لا أراه صواباً.
وإذا كان هذا التأجيل إنما جاء نتيجة لمعرفة عدد الحجاج فإني أيضاً لا أرى هذا مبرراً فعلى فرض ورود عدد من الحجاج تستطيع سيارات الشركات نقله في رد واحد فإنه من المصلحة العامة – مصلحة اقتصادنا العام – مصلحة تنظيم حركة المرور وعدم امتلاء الشوارع بهذه السيارات الضخمة.. مصلحة قطع طريق الحج في ساعة بدلاً من ست ساعات.
كل هذه المصالح تقضى بأن لا نسير كل ما لدى الشركات من السيارات ونضطر إلى استخدام سائقين قليلى الخبرة أو مفقوديها كما يحصل كل عام ولا يقطع الإنسان كيلو متراً من الطريق إلا ويرى في طريقه عشرات السيارات معطلة تاركة وراءها أرتال السيارات تزفر من وطأة حرارة السير ويزهق ركابها من طول الانتظار وزحمة الركوب.
لذلك فإن الأخذ بفكرة التصعيد في رد أو ردين يجب أن تدرس فوائدها ومضارها من الآن ويجب أن يبت فيها من الآن وتبلغ به الشركات من الآن لتعد العدة له وتهيئ نفسها على أساسه، فإذا كان رداً واحداً استعدت بالعدد الكافي من السيارات والسائقين مع الاحتياطي، وإذا كان ردين نظمت أمرها على ضوء هذا ولم تضيع وقتها في "رمرمة" التالف وزخرفة الخرب وتجهيز العاطل وجمع من هب ودب ممن يعرفون "مسك الطارة" فقط.
بل جهزت أجود سياراتها وأعدت نخبة من السائقين الممتازين وأغرتهم بالرواتب العادلة التي تكافئ العمل الذي يقومون به.
ونحب أن نوجه نظر الذين سيقومون بدراسة هذا الموضوع أن تشمل الدراسة موضوعين ملحقين بها ووضع العلاج الحاسم لها وإلا فإن البت في أمر الرد أو الردين لن يحل المشكلة.
الموضوع الأول: هذه السيارات الضخمة الكبيرة التي تنقل الحجاج من الأقطار المجاورة ثم تتخذ من شوارعنا قراشات لها طيلة أيام الحج ثم تزاحم في الطريق مع المزاحمين ثم لا تكتفي بنقل حجاجها بل تحط بهم في رحالهم ثم تعمل في النقل بالأجرة ردين وثلاثة وأربعة.
فإذا أردنا حفاظاً على اقتصادنا، وتنظيماً لحجنا فإنه لابد من منع هذه السيارات من العمل داخل أراضى الحج بل يجب أن تنتهي مهمتها بتفريغ الحمولة ثم الخروج إلى قراش عام تخصصه لها الحكومة لتحجز به إلى يوم السفر.
الموضوع الثاني: مشكلة بعض سائقي الشركات الذين يختلسون بين الردود المشروعة عليهم ردوداً غير مشروعة لصالح أنفسهم حتى يئست الشركات من ضبط هذه الاختلاسات وأصبحت السواقة في الشركات مطمعاً لكل من يريد أن يكسب أو يغنم.
إنها مشكلة تشكل خطراً دينياً.. وخطراً أخلاقياً.. وخطراً اقتصادياً.
فهذا المكسب حرام وهو لا يقل إثماً عن السرقة إن لم يزد عليها بكونه خيانة من ائتمنك.
وهذا الخلق.. خلق الكسب وما عليك بالوسيلة.. وهكذا جهاراً ونهاراً وكلنا نعرفه ولا نعمل شيئاً لمحاربته.. خلق خطر ولا أخاله موجوداً في أي بلد.
وهذه الطريقة التي يستطيع العامل أن يشارك صاحب العمل في أرباح ماله فيستطيع التصرف في عمله أكثر من المالك فبينما يؤجر سائق السيارة رداً واحداً نجد العامل يؤجرها ردين أو أكثر.. أكبر خطر على اقتصادنا.
إذن لابد من وضع حل حازم وشديد تتعاون فيه الحكومة والشركات والمطوفون بل المجتمع كله لاستئصال هذا الداء بما يكفل مصلحة السائق والشركة ضماناً كاملاً.
هذا ما وددت أن استرعى النظر إليه من الآن وأرجو أن يكون موضع الدراسة والتقرير والله الملهم للصواب.
معلومات أضافية
- العــدد: 329
- الزاوية: صباح الخير
- تاريخ النشر: 24/8/1379ﻫ
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.