القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 181 زوار المتواجدين الآن بالموقع
الثلاثاء, 09 أغسطس 2011 15:31

التستر التجاري (2)

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

تحدثت في كلمتي السابقة عن إحدى صور ما نسميه بالتستر التجاري وأتحدث اليوم عن صورة ثانية.

مواطن سعودي كان موظفاً وتقاعد.. أفنى شباب عمره في الوظيفة ولا يفقه شيئا في التجارة ولا أساليبها وفر شيئاً من شقاء عمره وكده من المال.. لو تركه في البيت أو في البنك تعرض للفناء لا يستطيع لكبر سنه أو مرضه وربما جهله بأمور التجارة أن يشرف على كل صغيرة وكبيرة ويوجه أعماله التجارية يخشى خيانة من يعمل معه بالأجر ويريد حثه على الإخلاص والجد والسهر لتحقيق الربح وجد مقيماً فاهماً ممارساً للعمل التجاري والحسابي والإداري وقدم له اسمه ورأس المال وقال له اعمل والربح بيننا مناصفة.

طبعاً هذه الصورة غير واردة في نظام الشركات ولا نظام الاستثمار فهي تستر بلا شك ولكنه في نظري تستر اضطراري فما هو حكمه؟! هل نمنع هذا المواطن ونقول له ضع مالك في جيبك وكله حتى ينفذ ويخلق الله مالا تعلمون أم نسمح له بهذه الصورة من التستر مع وضع ضوابط لحقوق هذا المواطن فقط. لا حقوق المواطنين الآخرين الذين يعتبرون هذا المقيم منافساً لهم فالمنافس الحقيقي لهم هو المواطن الآخر وليس المقيم فالمقيم يتقاضى أجر عمله ولكن بسخاء - وربما لا يكون كذلك - ومن حق الشريك السعودي الذي لا يستطيع العمل بنفسه أن يعمل ويتاجر بالواسطة.

وصورة ثالثة: مواطن سعودي يعاونه في عمله مقيم نشيط أمين توفي هذا السعودي وترك أرملة وأولاداً صغاراً رأت الزوجة أن يستمر عمل الزوج المتوفي بواسطة مساعده المقيم ولأنها لا تحسن المحاسبة ولا المراقبة ولا التفتيش فضلت أن يستمر المحل باسم الزوج أو اسمها ويبقى هذا المقيم أجيراً أو شريكاً أو مقابل مبلغ شهري يدفعه لها لإعالة نفسها وأولادها وسد حاجتهم في الحياة على أن يستمر الأصل لها ولأولادها وما تتقاضاه هو حصتها من الربح بعد تسليم المحل تسليماً خطياً بموجب جرد رسمي لمحتوياته وقيمتها.

فماذا نسمي هذا الوضع؟! تستراً؟! أم صورة؟! أو عملاً مشروعاً؟! وإذا اعتبرناه تستراً ووضعناه على قائمة المكافحة ما هو مصير هذه الأسرة؟! هل تبيع محتويات المتجر وتستهلكه في مصاريفها ثم تطلب حسنة المحسنين عند نفاذه؟!

أما الصورة الرابعة والأخيرة وهي صورة عامة نمارسها جميعا ولن تطالها أجهزة المكافحة وهي في حقيقتها لا تعتبر تستراً ولكن يندس فيها بعض ضعاف النفوس منا - سامحهم الله - فأكثرنا الآن لم يعد يجلس في متجره بنفسه وقد يفتح عدة فروع له في البلد الواحد أو في مختلف المدن من المملكة وبطبيعة الحال لا يوجد في المتجر أو المعرض إلا المقيم. وإلقاء نظرة عامة على متاجرنا في جميع الأسواق يظهر لنا أن المواطنين السعوديين بينهم كالقطرة في المحيط فهل نعتبر هذا تستراً تجاريا؟! لا أظن ولن تستطيع أجهزة المكافحة أن تعمل شيئاً ولا مع المندسين من المتسترين وهذا هو الواقع الذي نصرخ منه وتذهب صرخاتنا أدراج الرياح ولا يتأذى منها إلا أولئك أصحاب الصور الاضطرارية ويلاقون أشد العنت في سبيلها.

المتسترون في هذه الصورة فريقان: فريق محتاج إيراده من حرفته أو عمله البسيط لا يغطي نفقة عائلته يرغب أن يحسن أوضاع معيشته، يعرض أحد المقيمين أن يعمل باسمه مقابل جعل شهري يتقاضاه منه من الربح كشريك هذا باسمه والأول يعمل وبصرف النظر عن جواز أخذ هذا الربح أو عدم جوازه فإنه متستر شبه مضطر وإن كنت لا أبيح هذا الأسلوب في التستر ولكني أخفف اللوم عليه لأنه أولاً مضطر ولأنه ثانياً له فيه مصلحة وهو مواطن من حقه أن يستفيد وليس مفروضا أن يستحوذ على كل الربح ما دام العامل غيره وذنبه الوحيد أنه ساعد المقيم على الحصول على ربح من بلده وهذا الذنب يكاد كلنا نمارسه بما نستقدم ونستخدم من غير السعوديين. مضطرون مثله والضرورات تبيح المحظورات كما تقول القاعدة الشرعية.

أما الفريق الثاني فهو المستغنى المستور غير المحتاج الذي له عمل أو أعمال باسمه ثم يعير اسمه لآخر مقيم للعمل به مجاملة أو مقابل جعل وهذا الفريق - في رأيي - هم المؤاخذون وهم الذين يجب مكافحتهم ولكن.. كيف؟! وهل هذه المكافحة ممكنة؟! في اعتقادي أنها مستحيلة لأنهم مندسون كالشرك الخفي يجدون ألف باب وباب للنفاذ من الإمساك بهم وهم أقدر - بوجاهتهم - على ذلك من الفريق الأول وقد تضر حملات المكافحة وتمسك بتلابيب الفريق الأول ويخرج الفريق الثاني وينفد بريشه كما تنفد الشعرة من العجينة.

أعود لما قلته في كلمتي السابقة لأولئك الناقمين على التستر والمتسترين المتباكين على مصالح الوطن والمواطنين أدعو معي أصحاب الاختصاص واشتركوا معهم في دراسة المشكلة من جذورها وأسبابها وكافة جوانبها ومضارها ومنافعها وضعوا الضوابط التي لا تسئ إلى بعض المواطنين على حساب مصلحة بعض المواطنين كالأرملة واليتامى والعاجزين عن العمل بالسن أو المرض أو الإعاقة وصفوا العلاج ويدنا على كتفكم كما يقول العوام.

والله المستعان.

معلومات أضافية

  • العــدد: 42
  • الزاوية: كل اسبوع
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: عكاظ

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا