التأمينات الاجتماعية
فكرة إصدار نظام التأمينات الاجتماعية بالمملكة فكرة صائبة بل نبيلة الهدف منها رعاية كل من قدم خدمة لهذه البلاد وبصرف النظر عن جنسيته أي لا فرق بين سعودي وغير سعودي.
إلا أننا ومنذ صدور النظام كانت لنا ولغيرنا عليه ملاحظات اهتم بها مؤتمر رجال الأعمال السعوديون الذي عقد بالدمام فناقش بعض مواد هذا النظام وقدم عنها دراسات هامة تستحق النظر من الجهات المسئولة عن تنفيذ هذا النظام وقد تبين – ومن وجهة نظر رجال الأعمال – أن هذا النظام يحتاج إلى مراجعة التعديل على ضوء ما ظهر بعد وضعه موضع التنفيذ.
وليس أمامي الآن شيء من تلك الملاحظات التي قدمتها لجنة منبثقة عن المؤتمر درست عدة أوراق عمل اعتقد أنها اختارت منها ورقة عمل كانت مقدمة من الغرفة التجارية الصناعية بالرياض لشمولها.
لا أذكر بالضبط كل محتوياتها ولكني أذكر بعضها على سبيل المثال.
1- أن تطبيق هذا النظام بكل التزاماته على العمال السعوديين أمر مستحسن بل واجب ومقبول.
2- أن نسبة العمالة غير السعودية – وخاصة غير الفنية – نسبة كبيرة جدا بالمملكة نظرا لخطط التنمية الواسعة وقد قدموا من شتى بقاع الأرض وسيعودون إليها إن عاجلا أو آجلا وهذا يشكل عبئا ضخما وثقيلا على خزينة الدولة وأجهزتها لإيصال معاشات هذه التأمينات إلى أكبر مجموعة من دول العالم.
3- من المعروف أن العمالة الوافدة تكسب في بلادنا كثيرا وبمختلف الطرق بل أن كثيرا منهم يفد للعمل أجيرا ثم يعمل حرا والدليل على هذا هذا التخلف بين الحجاج والمعتمرين.
ولذلك فهم – في نظرنا – في غير حاجة إلى الإغراء بالتأمينات ولا غير التأمينات ولا الضمانات ولا المعاشات ومن المشهور بل المعروف عن الجميع أن الفكرة من اندفاع بعض هؤلاء العمال إلى البلاد العربية البترولية وإلى بلدنا بالذات هو الإثراء ثم العودة بالثروة إلى بلادهم لشراء أرض أو بناء عمارة أو العمل بالتجارة فهم في غنى عن هذا المعاش وربما لا يهتمون بالمطالبة به أو البحث عنه ولكنه حق في عنقنا وأمانة لدينا يجب إيصالها إلى صاحبها مهما كلفنا ذلك وإلا لما جاز لنا أن نتحملها.
«إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا» فلماذا نتحملها نحن دون مبرر.
4- إن كثيرا من العاملين بالمملكة من الوافدين لديهم أنظمة تأمينات في بلادهم ويدفعون ما يتوجب عليهم ولو كانوا يعملون في الخارج وهم لا يرحبون بالدفع هنا بل أن بعضهم يلزم صاحب العمل – أي المتقدم – بالدفع عنه أي أن صاحب العمل يدفع جميع الحصتين، حصة العامل وحصة صاحب العمل فلا داعي للازدواجية أولا ولا داعي لإرهاق صاحب العمل لأنه مضطر.
5- إن صناعتنا ناشئة وهي تعتمد في كل أعمالها الفنية وغير الفنية على العمالة الوافدة وتكاليف التأمينات الاجتماعية ستزيد حتما من تكاليف الإنتاج ونحن نسعى إلى الاكتفاء الذاتي من منتجاتنا الصناعية ونريد أن ننافس المستورد والدول الصناعية تحاول أن تحارب صناعتنا في عقر دارنا بتخفيض أسعار منتجاتها المشابهة لمنتجاتنا.
فلماذا تفرض على المستهلك السعودي أسعارا أغلى من الإنتاج المستورد؟؟
6- ليس المطلوب إلغاء النظام ولكن المطلوب هو مجرد إدخال تعديلات عليه على ضوء التجارب التي كشف عنها التنفيذ، ومن الاقتراحات التي طرحت للمناقشة اقتصار نظام التأمينات على العمال السعوديين لأن نظام العمل كفل للعامل غير السعودي مكافأة نهاية الخدمة، أو يجعل اختبارا بالنسبة لغير السعوديين أي يخضع للعقود التي تبرم بين العامل والآجر السعودي فالعامل الذي يريد تأمينا اجتماعيا يشترطه ويدفع حصته منه لا أن يرفضه ويتحمله الآجر كما هو حاصل الآن.
أو أن يكون الزاميا بالنسبة للعامل الوافد بعد أن يكون قد مضي خمس سنوات على الأقل لأن مثل هذا العامل يستحق الرعاية والضمان والتأمين على شيخوخته ومستقبل أسرته.
هذا موجز لما دار في مؤتمر رجال الأعمال السعوديين وما يدور في أفكارهم أعيد طرحها الآن من باب التذكير لعلها تكون جديرة بالمناقشة على ضوء المصلحة العامة على المدى البعيد والله الملهم للصواب.
معلومات أضافية
- العــدد: 6557
- الزاوية: كل اسبوع
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: عكاظ
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.