يوم محمد ويوم كولمبس
يحتفل الأمريكيون كل عام «بالشجاعة والصبر والثبات» في يوم يطلقون عليه «يوم كولمبس» وكولمبس هذا كما يعرف الأكثرون هو مكتشف الدنيا الجديدة. ولو سئلت أمريكياً عن سر اقتران هذه المحامد الثلاثة باسم كولومبس لأجابك: كيف لا نقرن هذه بذاك وقد أستطاع هذا الرجل أن يذلل كل عقبه بصبره وثباته حتى وصل إلى الدنيا الجديدة مكتشفاً غير مكترث بالأهوال والصعوبات التي صادفته فأضاف إلى دنيا الناس القديمة دنيا جديدة كانت مجهولة وزاد في خريطة العالم قارة خامسة بعد أن كانت أربع وكان سبباً في إخراج أمة من وحشيتها التي كانت لا تقل وحشية عن الحيوان حتى أصبحت في مصاف الأمم الإنسانية. استطاع أن يصل إلى هذا بعد أن نكص كثيرون قبله على أعقابهم حاولوا مثل ما حاول ثم أعوزهم الصبر. هذا ما يذكره الأمريكيون في يوم كولومبس الرجل الذي كان له أثر في تاريخ أمريكا وحدها. فماذا ذكرنا نحن في يوم محمد - يوم الهجرة - الذي كان له أبلغ الأثر في تاريخ الإنسانية واتجاهها؟. هل ذكرنا صبر محمد على الإيذاء وثباته على عقيدته حتى أدمى وشج وأريد اغتياله فلم يؤثر ذلك شيئاً في عزيمته؟ وهل ذكر المترفون منا تقشف محمد وزهده حتى أثر الحصير في جنبه وكانت حفلة عرسه بعصيدة من شعير وهو من لو أراد أن تكون له الجبال ذهباً لكانت. وهل ذكر المختالون المتكبرون تواضع محمد الذي كان يحلب شاته ويخصف فعله ويعلف بعيره؟ وهل ذكر الجفاة الغلاظ الأكباد كيف كان محمد يضفي عطفه على الحيوان قبل الإنسان ويعم الصغير والكبير والأمير والحقير فيزور خادمه في بيته ويداعب أخاه عميراً ويواسيه في موت نغيره، ويصفي الإناء للهرة ويوصى بالبهائم والعبيد خيراً؟ وهل ذكر الجاحدون للجميل الناكرون الود وفاء محمد لكل من عرف ذاكر لجميله في كل مناسبة حتى كان يلقى مرضعته حليمة وقد جاوز الأربعين هاتفاً "أمي. أمي" ويمس ثديها بيده وكأنه يشير إلى فضل هذا الثدي عليه ثم يعطيها من الإبل والشاه ما يرضيها كما أوصى أصحابه بحاضنته وقال "من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة فليتزوج أم أيمن"؟. اذكروا أيها القراء في هذا اليوم بل في هذا الشهر كله أخلاق محمد وأعمال محمد صلى الله عليه وسلم وهي أكثر من أن تحصى واقتفوا أثره واستنيروا بهديه تكونوا قد احتفلتم بذكرى هجرته حق الاحتفال.
معلومات أضافية
- العــدد: 9
- الزاوية: غير معروف
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: البلاد
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.