القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 172 زوار المتواجدين الآن بالموقع
الثلاثاء, 16 أغسطس 2011 00:35

الملك عبدالعزيز والمميزات الثلاث

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

في حياة الملك عبدالعزيز – رحمه الله – جوانب كثيرة جديرة بالتأمل والإعجاب ولكني سأكتفي بالإشارة إلى ثلاث ميزات لمستها بنفسي هي: الخوف من الله، والكرم، والتواضع.

فالخوف من الله كان شيئا طبيعيا من التدين الذي يملأ قلب جلالته وكان من ثماره ذلك العدل الذي كان يتوخاه جلالته في كل عمل أو تصرف وكان دائم التبرؤ من أي ظلم يصدر من عماله أو موظفيه وهو الذي سن هذه السنة الحسنة واتبعها بعده خلفاؤه من أبنائه الملوك والمراء في فتح أبوابهم لاستقبال أي مواطن مهما قل شأنه والاستماع إلى شكواه وتطيب نفسه والاهتمام بقضيته تخلقا بالحديث الشريف.

"من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم". فمنذ عهده وحتى الآن يفتح الملوك والأمراء من أبنائه يومهم باستقبال ذوي الحاجات والاستماع إليهم والنظر في دعاواهم وتوجيهها لما يحقق العدل وهي سنة حسنة تمتاز بها المملكة العربية السعودية التي أنشأها جلالته ووحد أطرافها ووضع قواعدها على أساس متين من الشرع الحنيف ثم رعاها أبناؤه من بعده حتى أصبحت الدولة الإسلامية الكبرى بحق وجدارة وحلت الصدارة.

أما الكرم فما أظن أحدا ممن عاش عصر الملك عبد العزيز – رحمه الله – لا يعرف أو لم يسمع عن صور الكرم التي كان يتحلى بها جلالته رغم ضآلة الواردات وكيف كانت وفود البادية والفقراء من كل مكان تقصد كرمه ولا يرد سائلا حتى أصبح جلالته مضرب المثل في الكرم والعطاء.

أما ثالثة المكارم التي عرفت عن جلالته فهي التواضع.. التواضع الجم.. التواضع النابع من الأصالة الأسرية التي انحدر منها جلالته فهو على الرغم من الهيبة التي تبدو على جلالته ومن البسطة في الجسم والعلم كان لا يخيف أحدا فالجميع يقبلون عليه إما مسلمين أو متظلمين أو مستمنحين من عطاءه لا يشعرون برهبة أو خوف.

وأذكر بهذه المناسبة حادثا لي شخصيا مع جلالته فقد تأخر صرف الرواتب للموظفين في إحدى سنوات الخمسينات وأخالها أيام حرب اليمن – إن لم تخني الذاكرة – تأخر عدةو شهور وضاق الموظفون ذرعا وإفلاسا وكنت يومها موظفا بالمحكمة الكبرى وفي العشرين من عمري شابا غضا فاتفقت أنا وزميلين لي من موظفي المحكمة أن نشـكو الأمر على جلالة الملك عبد العزيز الذي كان يجلس للحكم في قصر السـقاف المعروف الآن (وتمشلحنا وتشطفنا) إن صح هذا التعبير وفي ضحى ذلك اليوم قصدنا مجلس جلالته فلم يردنا أحد حتى وصلنا إلى مجلس جلالته في ذلك الصالون الكبير والمسلمون وأصحاب الحاجات يتوافدون وقد استقر بهم المقام فل تقع عين جلالته علينا ونحن داخلون عليه من الباب إلا ونهض قائما يستقبلنا فسلمنا عليه وشكونا إليه أمر الموظفين وتأخر رواتبهم وكان يومها الرابع أو الخامس من شهر ذي الحجة فاستغرب كيف لم تصرف الرواتب وأمسك بالهاتف ليطلب الشيخ عبد الله السليمان -رحمه الله- وكان وزيرا للمالية ويأمره بصرف مرتبات الموظفين حالا وقبل الصعود إلى عرفة.

فلم يكن في وسع معاليه إلا أن يصدع بالأمر ويدبر المبلغ المطلوب للمرتبات بمعرفته وبصرف مرتبات الموظفين حالا وفرج الله كربة الموظفين على يد جلالته بفضل تواضعه الذي جرأنا ونحن في تلك السن الصغيرة والمكانة الصغيرة فلم نكن أكثر من كتاب بالمحكمة لا أقل ولا أكثر.

أكتب هذه الكلمة الموجزة في هذه المناسبة داعيا الله أن يتغمده برحماته وأن يجزيه عن الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء، وأن يوفق أبناءه على السير نفس مساره دينا وخلقا وهم إنشاء الله سائرون والله المستعان وهو ولي المؤمنين.

بعض الفتاوى..

عجيب – والله – أمر بعض المفتين الذين يسألهم القارئ سؤالا يسير نحو الشرق فيجيبونه جوابا يتجه نحو الغرب..

سائل في صحيفة الشرق الأوسط الدولية يسأل "هل من المناسب أن يحتفل المسلم بعيد ميلاده أو عيد مولد أحد أولاده" والسائل يقصد طبعا ذكرى الميلاد ولكنهم تعودوا أن يطلقوا عليه عيداً.

وهو سؤال لا لبس فيه ولم يرد فيه ذكر للدين أو العبادة أو الثواب أو القربى أو يسأل عن حكم الدين في الاحتفال الذي هو عبارة عن اجتماع الأهل والأصدقاء في ذلك اليوم الموافق لميلاد المحتفل بميلاده على أكل وشرب وسمر وأحاديث ودية وتهان وتمنيات طيبة بعيش رغيد وعمر مديد لا أقل ولا أكثر..

ولكن المفتي – سامحه الله – لوى عنق السؤال ليا وخرج عن الموضوع ليحرم ما أباح الله ويسوق آية قرآنية وحديثا نبويا لا علاقة لهما بالسؤال مطلقا فيستدل بآية "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"، وحديث "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".

فالآية الكريمة تؤكد كمال الدين والحديث يقول من أحدث في أمرنا هذا – أي الدين- وهذا شيء لا يختلف فيه اثنان ولم يقل عاقل – ولا مجنون – أن احتفال الإنسان بذكرى ميلاده أو ميلاد أحد أبنائه عمل أخروي أو عبادة دينية فالكل يعرف أنه عمل اجتماعي كالاحتفال بالزفاف والنجاح والقدوم من السفر والتكريم والشفاء من المرض كتعبير عن الفرح أو الشكر أو الإعزاز لا علاقة له بالدين ولا العبادة من قريب أو بعيد..

حتى السائل نفسه لم يسأل عن الإباحة أو التحريم بل سال هل من المناسب وكان المفروض أن يكون الجواب دون الخروج عن الموضوع: نعم إذا خلا الاحتفال من المحرمات والمكروهات.

وفي الحديث الشريف فصل الخطاب وقاعدة من قواعد الإسلام وجوامع الكلم هو "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".

فإذا كانت نية المحتفل بميلاده أو ميلاد ولده هو الاجتماع على الحديث والطيبات من الرزق وإدخال الفرح والمسرة في ولده وأهل بيته وقضاء وقت من المرح والبهجة فماذا في ذلك يستحق النهي أو التحريم والتهديد والوعيد؟؟

فيا أيها المفتون رفقا بالسائلين ولا تعطوهم صورة خاطئة عن الدين، فدين الله يسر ويسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا وكونوا عباد الله إخوانا.

معلومات أضافية

  • العــدد: 7105
  • الزاوية: كل اسبوع
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: عكاظ
المزيد من مواضيع هذا القسم: « كل أسبوع أجل افصلوها... »

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا