رحمة بالمرضى يا أصحاب الصيدليات!! اقتراح إلى الصحة العامة، وآخر إلى الأثرياء
ليس من شك أن الصحة العامة قد أحسنت صنعا عندنا وضعت تسعيرة الأدوية، ولكن الذي نريد أن نسأل عنه ويسأل معنا الكثيرون، وهو مدى تطبيق هذه التسعيرة واستعداد الصيدليات ومخازن الأدوية للعمل بموجبها؟! وما هي الإجراءات التي اتخذتها الصحة العامة لإرغام هؤلاء بالبيع بموجب التسعيرة والحد من جشعهم؟!
وقبل أن تجيب الصحة العامة أسارع فأؤكد لها. أن فوضى أسعار الأدوية لا تزال مكانها قبل التسعيرة، وأن الإنسان قد يجد الدواء في صيدلية بسعر ثم يجده في صيدلية أخرى بسعر يرتفع أو ينخفض كثيراً، أما السبب فهو فقدان الرقابة القاسية.
ولئن افتقدنا هذه الرقابة في مكة فإنني أعترف بوجودها في الطائف إذ لاحظت نشاطا ملموساً من مراقب الأدوية هناك وتعقيباً منه للصيدليات ومخازن الأدوية بصورة لو استمرت لكانت كفيلة بالقضاء على أسباب الشكوى وإعادة الجشعين من باعة الأدوية إلى صوابهم.
إن تطبيق تسعيرة الأدوية أمر هام جداً، يستدعى كثيراً من اهتمام سعادة مدير الصحة العام الذي نعتقد أنه لا يدخر وسعاً في سبيل المصلحة العامة والسهر على صحة الجمهور فالدواء من الضروريات، بل من أشد الضروريات أهمية لأن المريض لا يرفض شراء ما يظن فيه شفاء بأي ثمن، والصحة تاج على رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى – كما في الحديث – غير أن الجشع الذي تصاب به بعض النفوس لا يقف عند حد؛ ولئن استطاع بعض المرضى فاشترى دواءه بأي ثمن فما هي حال العاجز الذي يرهقه هذا الثمن أو لا يجده.
لقد قيل لي أن صاحب صيدلية بالطائف طلب ثمنا لحقنة "شرنقة" احتيج إليها في منتصف الليل لإنقاذ نفساء فطلب ثمنا لها خمسمائة ريال بينما أن سعرها الأساسي ستة وثلاثون ريالا!! وسواء صحت هذه الحادثة أو لم تصح فإنها تعطي فكرة سيئة عن رأي الناس في الصيدليات وتصور مدى البؤس الذي يعيش فيه الفقير نتيجة لجشع بعض النفوس ذلك الجشع البغيض الذي قد يزهق أرواحاً لا يدري عنها الناس.
ورأيت بعيني رأسي قصة أخرى باع فيها صيدلي دواء بأكثر من ضعف سعره المحدد وعندما حقق معه أنكر معرفة المشتري أو شراءه منه فذهبت القضية سدى للعجز عن إثبات الشراء إذ أنه ليس من المعقول أن يصحب الإنسان معه شلة من الناس ليشهدهم على ما يريد شراءه! وأنا نفسي اشتريت حقنة بنسلين مرة بثلاثة ريال وأخرى بأربعة بينما أن سعرها المحدد 64 قرشا.
وبهذه المناسبة أتوجه باقتراحين أحدهما إلى الصحة العامة والآخر إلى أثرياء البلاد ووجهائها لاسيما من اشتهر منهم بحب الخير والتضحية في سبيله.
فإلى الصحة العامة أتوجه بالرجاء أن تكلف جميع الصيدليات ومخازن الأدوية بعمل فواتير لكل ما يباع على الجمهور وإعطاء كل مشتر فاتورة موضحاً بها الثمن والنوع والكمية والاحتفاظ بصورة منها في الصيدلية أو المخزن وهذه هي الوسيلة الوحيدة لإلزام هؤلاء بالبيع بالسعر المحدد على أن يسن جزاء صارم يوقع في حالة المخالفة بعدم عمل فاتورة.
وعلى أثرياء البلد لاسيما من عرف منهم بحب الخير والعمل له وما أريد أن أعين فهم بحمد الله كثيرون، اقترح أن يتعاونوا على تأسيس صيدلية كبرى في مكة ولها فروع في جدة والمدينة والطائف والرياض وينبع وأشهر مدن المملكة يستوردون لها جميع الأدوية الحديثة ويستحضرون لها صيادلة بدرجة دكتور بصورة مؤقتة ريثما يتخرج من مبعوثينا في مصر من طلاب الصيدلة من يسد هذا الفراغ على أن يعتبروها مؤسسة تعاونية خيرية لا تجارية للربح والاستغلال وتحدد فيها الأسعار على أساس الربح والمصاريف فقط.
إن المرض هو أخطر أعداء الإنسانية الثلاثة، وقد قطعنا شوطاً لا بأس به في محاربة العدوين الآخرين فلنشرع في محاربة العدو الألد بتوفير الدواء وتيسيره للجميع، ولتكن هذه المؤسسة التعاونية خير هدية تقدمونها إلى سمو وزير الصحة الجديد مساعدة له على أداء مهمته الشاقة.
فهل لي أن أقرأ على صفحات هذه الجريدة نبأ اجتماع يعقده هؤلاء الأخيار للتشاور في الوسائل العملية لإخراج هذا المشروع إلى حيز التنفيذ في أقرب فرصة؟!
أرجو أن أقرأ ذلك قريبا.
معلومات أضافية
- العــدد: 8
- الزاوية: غير معروف
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: البلاد
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.