إلى متى لا نستجيب؟!
قرأت في عدد مضى من مجلة الرسالة أن وزير المعارف المصرية اهتم بمشكلة شخصية عالجها كاتب في مقال له بالمجلة، وعقب إطلاع الوزير على ما كتب سارع بحل المشكلة.
وليس هذا كل ما قرأت في هذا الباب فقد قرأت كثيراً وأخال الكثيرين قرأوا معي عن اهتمام المسئولين من وزراء ومديرين ودون ذلك بما تعالجه الصحافة من مشاكل في خير المصلحة العامة، ولكن الذي دفعني إلى التفكير والكتابة هو ما قرأته أخيراً ومن ثمة أشرت إليه كباعث إلى كتابة ما أكتب.
قرأت هذا فرحت أسائل النفس إلى أي مدى بلغ اهتمام المسئولين عندنا بما يكتب ويقال؟ وإلى أي حد استطاع المسئولون إزالة أسباب الشكوى والإصغاء إلى مطالب الجمهور المعقولة؟!
وكم من المسئولين عندنا يبدي ارتياحاً لما يكتب بقصد الإصلاح وكم منهم من يشمئز لما يكتب من نقد أو توجيه حول بعض الأوضاع القائمة مهما كانت هذه الأوضاع مجحفة وظالمة ويرى أن الدائرة التي يرأسها حرم مقدس يجب ألا ينال منه إنسان مهما كانت أوضاعه مقلوبة وخططه ملتوية!!
إن كتابنا وصحيفتنا هذه قد تناولوا كثيرا من نواحي النقص بالنقد والتوجيه فهل كان لتلك الصرخات صدى في مجتمعنا؟ وهل أصلح الفاسد؟ وقوم المعوج وأكمل الناقص؟؟!
إنني لا أنكر أن شيئاً من ذلك تم ولكنه بسيط وبسيط جداً لا يكاد يذكر بجانب ما كتب ونشر!!
لم تترك هذه الصحيفة باباً من أبواب الدعوة إلى الإصلاح إلا وطرقت وأتاحت الفرصة لكل من تدور في رأسه فكرة أن ينشرها للناس، ولم نترك أسلوباً من أساليب هذه الدعوة إلا واتخذته سبيلا إلى بلوغ الغاية فأحيانا تكون الدعوة صريحة وجريئة وأخرى تكون تلميحاً وتعريضاً، وتارة تكون بالحكمة والموعظة الحسنة وطوراً تكون بالقسوة والهجوم ومرة تكون همسة وأخرى تكون صرخة وهكذا.. حتى بحت الأصوات وجفت الأقلام، ودب اليأس في قلب الصحيفة – أو قلب كتابها على الأصح – من الأمل في الإصلاح؟!
فماذا أجدت الكتابة عن شكوى الناس من أصحاب الكهرباء وضوئهم الشاحب وتيارهم المنقطع وخراب ماكيناتهم المتكرر؟ وماذا عملت أمانة العاصمة حيال ذلك وهل استمر اهتمامها بالتنظيف أو اقتصر على يوم الإطلاع على ما يكتب بالجريدة ثم "تعود ريمة لعادتها القديمة" وهل عملت شيئاً من شكوى الناس من الغلاء وفوضى الأسعار وهل استجابت للدعوات الكريمة المتكررة بضرورة تحديد الأسعار وخاصة في الضروريات؟
وعين زبيدة كم نادى القراء والكتاب بمراقبة السقاة وصفائحهم المكشوفة المعرضة للعبث ونقل الجراثيم والأمراض، وهل استطاعت أن تحدد سعر الماء في الموسم؟
ومديرية المعارف ماذا اتخذت حيال مشكلة الكتب المدرسية وغلائها وإرهاق الطلاب وأوليائهم لاسيما الفقراء منهم على الرغم من كثرة ما كتب في هذا الشأن؟ وهل صحيح أن تلك المشكلة قبرت نهائياً وحفظت كما تحفظ أي معاملة وكأن لم يكن شئ، لا لشئ إلا أن حل هذه المشكلة لا يوافق رغبات الأساتذة المؤلفين – وهم من أسرة المعارف – ويؤثر على مصلحتهم ويحدد من أطماعهم؟!
ومديرية الصحة هل استمعت لما كتب عن الأدوية وأسعارها وهل هناك مراقبة صحيحة على تطبيق التعرفة؟ وهل استطاع المرضى البؤساء أن يحصلوا على الدواء بالثمن المعقول؟ أو أنها عجزت عن إرغام الصيدليات ومخازن الأدوية بضرورة السير بموجب التعرفة فتركت الحبل على الغارب وأراحت نفسها وأصحاب الصيدليات!! وهل عدلت عن نفث الغاز الوسخ الذي يتلف كلما يقع عليه بدلاً من الـ د.د.ت؟
ومديرية البرق والبريد العامة هل أصلحت فساد السنترالات وأراحت أصحاب التلفونات من المضايقات التي طالما استنجدوا بالمديرية العامة لانقاذهم منها، وهل عالجت مشكلة وصول البرقيات في مدة تزيد على مدة وصول الجوابات حتى أن الحجاج أصبحوا يصلون إلى المطوف قبل وصول البرقية المبرقة بوصولهم!!
ومديرية الأمن ماذا حققت من الإصلاح في حوادث السواقين الدامية وسيرهم الجنوني في الشوارع والطرق وهل وضعت حداً لتهورهم الذي كثرت ضحاياه وأصبحت البلاد تروع بين وقت وآخر بحوادث مؤسفة؟
ومصلحة الطرق هل استفاد القراء وخرجوا بنتيجة من الجدل الذي دار بينها وبين أمانة العاصمة حول مسئولية الاحتفاظ بخط الشارع العام ونظافته وترميمه؟
هذه بعض نواحي النقص التي طرقتها هذه الصحيفة وكتابها خلال السنوات الماضية؛ ولا تحضرني جميعها فهي أكثر من أن تحصى استعرضتها ونحن في أول العام لأذكر بها المسئولين لعلهم يكونون في هذا العام أكثر شعوراً بالمسئولية وأقدر على إزالة العقبات وتذليل الصعوبات وأعظم تقديراً للثقة الملكية الغالية الكفيلة بدفعهم إلى الإخلاص في العمل والله المسئول أن يوفق الجميع لما فيه الخير والصلاح.
معلومات أضافية
- العــدد: 19
- الزاوية: غير معروف
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: البلاد
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.