القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 169 زوار المتواجدين الآن بالموقع
السبت, 20 أغسطس 2011 01:02

العلاقة بين الإنسان ورقيقه

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

أسلفنا في مقال سابق "العلاقة بين الزوجين" وأن الإسلام لم يدع شأناً من شئون الإنسان الاجتماعية إلا نظمه تنظيماً صالحاً لكل زمان ومكان ورجونا أن تتاح لنا فرصة أخرى للحديث عن العلاقات في الإسلام، وموضوعنا اليوم "العلاقة بين الإنسان ورقيقه" كما نظمها الإسلام الحنيف.

لقد أكثر الأوربيون من التشنيع على الإسلام والمسلمين لاعترافهم بالرق مع أن الرق والاسترقاق كانا موجودين منذ وجود الإنسان، فالقدامى من المصريين والهنود والفرس والبابليين عرفوا الرق من القديم وقد أزعنهم – بدون استثناء – معاملة الرقيق شر معاملة بل ذهبوا مذهب المكاثرة في الاسترقاق حتى أصبح عدد الأرقام يقارب عدد الأحرار كما ورد في إحصائيات الحضارتين الرومانية واليونانية.

أما اليونان فليس أدل على احتقارهم الرقيق وغضبهم من شأنهم -من زعم فيلسوفهم أرسطو- بأن أرواح الأرقاء كأرواح الحيوانات غير مخلدة.

وقد كان الأوربيون يرسلون سفنهم إلى شواطئ أفريقيا لاختطاف آلاف من السود لاستخدامهم في حرث الأرض وتمهيدها؛ وظلوا موضع الاحتقار – لاسيما في أمريكا حتى أوائل القرن الحالي حيث منحوا بعض الحقوق ولا تزال النظرة إلى السود في أمريكا نظرة يشوبها شئ من الاحتقار حتى الآن.

هذه بعض مساوئ الاسترقاق قبل الإسلام وبعده عند الأوربيين الذين نعوا على الإسلام اعترافه بالرق وسكوته عليه مع أن مقاربة بسيطة بين هذا النظام الأوربي للاسترقاق وقانون الإسلام تكشف عن البون الشاسع بين نظامهم ونظام الإسلام.

نعم. إن الإسلام أباح الاسترقاق ولكن بوسيلة مشروعة ولغاية شريفة فقد حرم الاسترقاق بطريق الخطف أو الاغتصاب وأاحه في حالة واحدة لا ثاني لها هي الأسر في حرب شرعية مستوفاة للبواعث والغايات التي يقرها الإسلام دون اعتبار للسواد أو البياض فقد ساوى الإسلام بين أبنائه سوداً وبيضاً وفي ذلك يقول رسول الإسلام -صلى الله عليه وسلم- "ليس لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أسود فضل إلا بالتقوى والعمل الصالح".

والإسلام عندنا أباح الاسترقاق، لم يدعه استرقاقا استعباديا كما عرفه الأوربيون بل أحاطه بسياج من الرعاية والعطف وحسن المعاملة والرفق وحث على تحرير الأرقاء وجعل هذا التحرير من أعظم القربات إلى الله بل جعله كفارة لكثير من السيئات التي تعتور حياة المسلم بين حين وآخر.

فمن قتل مؤمناً فتحرير رقبة ومن حلف يميناً وحنث فتحرير رقبة، ومن ظاهر من زوجته فتحرير رقبة، ومن جامع في رمضان فتحرير رقبة، بل ذهب الإسلام في ذلك إلى حد أبعد فجعل المملوك أن يشتري نفسه من سيده وحث السادة على مساعدة مماليكهم ومكاتبتهم.

فلنستمع إلى الآيات القرآنية الواردة في هذا الشأن: ﴿وما كان لمؤمن، أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ومن قتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا".

﴿لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم، ولكن يُؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تُطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة.

﴿والذين يُظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير.

﴿والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الي آتاكم.

هذه بعض الايات الكريمات التي تحث – بل تفرض- تحرير الأرقاء، في مناسبات خاصة، وهناك أحاديث نبوية أخرى وردت في الحث على هذه القربة والإشارة إلى أنها من أفضل القربات إلى الله نكتفي بالإشارة إليها دون إيرادها لئلا يطول بنا الحديث.

بقي علينا أن نعرف كيف رفع الإسلام من شأن الرقيق وساوى بينهم وبين الأحرار في الحقوق بعد أن كانوا موضع الاحتقار من كافة الأمم، فأكثر الرسول من الوصاية بهم والحث على إحسان معاملتهم قال عليه السلام:

"اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم، اطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تكتسون، ولا تكلفوهم من العمل ما لا يطيقون فما أحببتم فامسكوا، وما كرهتم فبيعوا فإن الله ملككم إياهم، ولو شاء الله لملكهم إياكم".

وقال: أرقاؤكم إخوانكم استعينوهم على ما غلبكم، وأعينوهم على ما غلبهم وأرسل عليه السلام وصيفة له في حاجة فابطأت في الطريق فما زاد على أن قال "لو لا خوف القصاص لأوجعتك بهذا السواك".

وقيل أن رجلا من الصحابة – رضوان الله عليهم – ضرب عبيدا له فجعل يقول: أسالك بالله، أسالك بوجه الله .. فلم يعفه، فسمع الرسول ذلك فانطلق إليه فلما رأى الصحابي الرسول، أمسك يده فقال عليه السلام: سألك بوجه الله فلم تعفه، فلما رأيتني أمسكت يدك!! قال الرجل فإنه حر لوجه الله يا رسول الله. فقال عليه السلام: لو لم تفعل لسفعت وجهك النار.

ورأى أبو هريرة رجلا على دابته وغلامه يسعى خلفه فقال له: يا عبد الله احمله خلفك فإنما هو أخوك، روحه مثل روحك فحمله، فقال أبو هريرة لا يزال العبد يزداد من الله بعداً ما مشى خلفه.

هذا نظام الرق في الإسلام وذاك نظام الرق في أوربا فأي الفريقين أحق باللوم والتشنيع.

معلومات أضافية

  • العــدد: 30
  • الزاوية: غير معروف
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: البلاد

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا