القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 181 زوار المتواجدين الآن بالموقع
الأحد, 07 أغسطس 2011 21:07

ملاحظات على الحج 4

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

إن إدارة مرور في أي بلد عندما تشعر بعجز شوارع هذا البلد عن استيعاب المزيد من السيارات فإنها تلجأ إلى مطالبة الدولة بوقف استيراد السيارات فترة من الزمن ريثما يمكن التغلب على أزمة السير أو ينقرض عدد من السيارات العاملة فيسمح بعدد مماثل لها.

أما أن تلغى رخصة السير الصادرة منها وتمنع بعض السيارات الموجودة داخل البلد من السير فهذا غير مألوف..

ومن الإجراءات المستساغة  التي رأيناها في البلدان المجاورة هو منع السيارة القادمة من أي دولة أخرى بالتجول داخل مدنها وقصر عملها في النقل من تلك الدولة إلى محطة الوصول كما هو مشاهد في سوريا ولبنان والأردن فإن أية سيارة أجرة قادمة من إحدى هذه الدول لا يجوز لها السير في مدن الدولة الأخرى بل عليها إيصال الركاب إلى المحطة وإنزالهم ثم تحميل غيرهم.

فإذا ضاقت شوارعنا واختنقت طرق المشاعر عندنا من كثرة السيارات فإن أول ما يجب أن نفكر فيه وننفذه هو منع السيارات الوافدة من خارج المملكة وهي بالطبع متميزة ومعروفة بلوحاتها التى تحملها وبهذا يسهل المنع.

وهو إجراء قانوني ومتبع لم نكن ولن نكون بدعاً فيه وإذا عممنا المنع على السيارة الخاصة الوافدة أيضاً فإن لنا في ذلك العذر كل العذر بظروف الحج الخاصة  التي لا مثيل لها في أي بلد آخر ومن حقنا على الأخوة الأشقاء أن يقدروا ظروفنا الإضرارية ويساعدونا على مشاكلنا وعلينا ألا نتسرع ومنع السيارات الوافدة قبل أن تتخذ كامل الإجراءات والترتيبات المريحة الكريمة لركاب تلك السيارات فتوفر السيارات التي تنقلهم من محطة الوصول إلى مساكنهم بنفس الدرجة والشكل. فالذين جاءوا على سيارة صغيرة ينقلون على مثلها ومن جاءوا على سيارة كبيرة ينقلون أيضاً على مثلها فلا يشعرون بأي ضيق ومحطة الوصول هذه يجب أن تكون مجهزة بكل وسائل الراحة: ظل وهواء ومياه وخدمات ودورات ومقهي ومطعم للوجبات الخفيفة لمن يريد الاستراحة من عناء السفر قبل الدخول إلى مكة...

فدخول الحجاج على سياراتنا لا يزحم شوارع البلدة لأنها تفرغ حمولتها وترجع ثانية إلى المحطة بخلاف سيارات الحجاج فإننا لا نضمن خروجها بعد الدخول أما الانتقال إلى المشاعر فإن من السهل توحيد وسائل نقل الحجاج القادمين من خارج المملكة لأنهم كما أسلفنا قد وطنوا أنفسهم على تكوين جماعات وأداء المناسك بشكل جماعي فهؤلاء جميعاً تتولى نقلهم إلى المشاعر السيارات صاحبة الامتياز في نقل الحجاج بعد أن تتعهد بالالتزام بذلك ولا يترك الحجاج تحت رحمة أصحاب السيارات ليطالبون بالأجر الخيالي الذي يفرضوه وعدم الاعتماد على رقابة أو تفتيش أو تحديد أجر فإن أيام التصعيد والنفرة أيام يختلط فيها الحابل بالنابل. ويذهب كل مراقب ومفتش عما كلف به.

إننا نستطيع أن نؤكد أن عدد مقاعد سيارات الشركات الناقلة للحجاج بمكة لا تستطيع أن تؤمن نقل خمس الحجاج فكيف يمكن أن نقرر إنقاص عدد السيارات الأخرى المساعدة للشركات؟!

إنه رغم قرار منع سيارات النقل الصغيرة (الونيتات) وسيارات النقل الكبيرة (اللورى والقلابات) فقد شاهدنا عشرات - إن لم تكن مئات - هذه الأنواع من السيارات تعمل في طرق المشاعر بصرف النظر عن تسرب عدد كبير من السيارات الصغيرة وخاصة البكسات سبعة ركاب  التي شملها الحظر.

رغم كل هذا ورغم ما بذلته شركة النقل الجماعي من تجنيد كل طاقاتها من سيارات ومقطورات فقد كان العجز واضحاً في تصعيد الحجاج وقيل أن بعضهم ظل إلى غروب شمس يوم عرفه بمكة المكرمة.. إننا نقترح – لزيادة إمكانية الشركات – تأسيس شركة خاصة مساهمة تختص بنقل حجاج البر واستلامهم من المحطات إلى المحطات بأساليب إدارية حديثة.

على أن تعطى هذه الشركة امتياز بناء مدينة لحجاج البر ينتقلون إليها ويتحركون منها وتخصص لهم مواصلات إلى المسجد الحرام بانتظام في كل يوم مرة واحدة بالتناوب مع إقامة جامع كبير في المدينة.  لإقامة الصلوات فيه وتزويد المدينة بكل وسائل الراحة وإنشاء أسواق وخدمات تخفيف الضغط على شوارع مكة المكرمة...

وتكون الإقامة فيها اختيارية لمن يرغب السكنى بداخل مكة ويدفع لمطوفه الفرق من أجرة السكن في مدينة الحجاج والسكن داخل مكة.

وإجبارية لمن يدعى العجز عن دفع أجور السكن داخل مساكن مكة حتى لو كانوا من حجاج البحر والجو بحيث تمنع الإقامة بالشوارع والمساجد وتحت الجسور وداخل الأنفاق وعلى الأرصفة وأبواب المسجد الحرام منعاً باتاً وبالقوة إذ لم يبق لهؤلاء الحجاج عذر وخاصة إذا بلغوا بذلك من بلادهم وبلغتهم على شكل نشرة تلصق بالجواز عند إعطائه التأشيرة أن هذا الذي يفعله بعض الحجاج من السكنى بالشوارع وتحت الجسور وداخل الإنفاق مع ما يسببه من أذى لبقية الحجاج فإنه في نظرنا غير جائز ومنافي لطبيعة الإسلام الذي يقول: ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين وأين هي العزة في هذا الوضع المشين الذي لا يفعله أي حاج من الأديان الأخرى ومن لا يجد ما يؤمن له السكن في مدينة الحجاج  التي سيكون أجر السكن فيها يناسب أدنى القدرات المالية ولو أدى الأمر إلى أن تساعد فيها الحكومة  التي تنفق مئات الملايين سنويا في سبيل حج أفضل بتحمل بعض نفقات هذه المدينة كالتنظيفات ولإقامة مستشفي بها وتأمين المياه اللازمة ونحن واثقون إنها لن تبخل بأكثر من ذلك لأن تواجد هذا العدد من الحجاج في مدينتهم.

ونقلهم إلى المسجد الحرام على أفواج سيخفف الضغط على داخل المدينة في كل شيء..في السير، في النظافة. في المسجد الحرام. في الخدمات الأخرى. من لا يجد هذا الأجر المناسب فلا حج عليه ولا داعي لإرهاق نفسه وإذلالها وإيذاء الآخرين.

ولوتم إنشاء هذه المدينة في منطقة حجاج البر في منى فإنها تكون مزدوجة الفائدة لمكة ومنى ويكون صعودهم إلى عرفات وعودتهم إلى منى عبر خط سير واحد يمكن السيطرة عليه ونقلهم على خمسة ردود أو أكثر فيقل عدد السيارات الصاعدة إلى المشاعر إذ أننا لو افترضنا أن حجاج هذه المدينة سيصل إلى ثلاثمائة ألف حاج فإن نقلهم بين المشاعر لا يحتاج لأكثر من ألف سيارة تقطع المسافة بين منى وعرفات الحالية في وقت لا يتجاوز خمس ساعات في كل رحلة فلو جرى البدء في ترحيلهم الساعة الرابعة بعد ظهر يوم التروية سوف لا يحل موعد أذان العشاء إلا وقد تكامل جمعهم في عرفات على أن تحجز سياراتهم معهم في عرفات ولا يسمح لها بالخروج ومزاحمة الطرق ويكون لهذه السيارات لون خاص بحيث لو شوهدت في غير خط سيرها توقف وترجع ويجازى السائق لتحديد عدد السيارات التي يمكن أن تستوعبها الطرق. ولو نجحت هذه التجربة وما نخالها إلا ناجحة فإن في الإمكان القيام بتجربة أخرى لاستيعاب الحجاج القادمين من مختلف مدن المملكة من عمال الشركات والمؤسسات وموظفيها من غير السعوديين والذين يريدون استئجار مساكن داخل مكة ولا ينتظمون في مخيمات مع أحد في منى وعرفات ويشغلون الجسور والإنفاق ويسدون الطرق وإنشاء مدينة أخرى خاصة بهم على طرف من أطراف منى أيضاً ولو على أدوار متعددة وتجرى تحركهم منها وتحجز سياراتهم بها ويهيأ لهم وسائل عامة للوصول إلى المسجد الحرام- وإن كان هؤلاء قلما يهمون بالتردد على المسجد الحرام... ويخصص لهم طريق أو أكثر حسبما هو موجود لدى الجهات المختصة من إحصاءات وتمنح شركة النقل الجماعي نقل هذا الفريق من الحجاج بالمشاعر على خمسة ردود وأكثر ويخصص لخيامهم في عرفات المنطقة  التي توازى خط سيرهم وفي اعتقادنا أن هذا الصنف من الحجاج سيرحبون بالسكنى المعدة لهم ويذهبون إلى هذه المدينة بارتياح وخاصة إذا منعت سكنى الشوارع والجسور والأنفاق وفوق الجمرات وتحتها منعاً حازما ولا تترب علينا أننا لا نريدها مدنا على أحدث طراز بل نريدها مدنا شعبية لا تكلف مبالغ باهظة لأن مدة الإقامة بها قليلة ولا حاجة للرفاهية ويكفي أن تكون نظيفة ومزودة بالماء والهواء والإضاءة والأسواق والمرافق اللازمة كالجامع والمستشفي والدعاة والمرشدين والإدارة الحازمة المسئولة.

إن إنشاء مثل هذه المدينة يحقق عدة أغراض منها:

1) القضاء على ظاهرة سكنى الشوارع والجسور والأنفاق إذا نفذ منع هذه الظاهرة بحزم طالما جرى تأمين البديل.

2) التخفيف على الطرق المؤدية إلى المسجد الحرام والمسجد الحرام نفسه الذي مهما وسعنا فيه فإنه لن يستطيع أن يستوعب هذه الإعداد الهائلة من الحجاج الذين يتخذونه مناماً ومقاماً وذلك غير ما تبنى المساجد من أجله..

3) التغلب على أزمة السير بطرق معقولة ومدروسة..

4) التخفيف من الخدمات الضرورية لمنطقة قلب مكة كالمستشفيات والتنظيفات ودورات المياه والكهرباء والمياه.

5) التخفيف من نتائج هذا التلوث الذي أثبتته التقارير الطبية في المواقع  التي يتخذها الحجاج مناماً ومقاماً والذي سيكون خطره أشد في سنوات الصيف القادمة.

هذه هي الطريقة الحديثة للتخفيف من أعباء المدن الكبرى  التي لجأت إليها البلدان المتحضرة لا كما يعمل مفكرونا من المطالبة بالمزيد من الهدميات والمزيد من دورات المياه، ومنع الناس من استعمال سياراتهم أو الوقوف بها ولو أدى الأمر إلى أن تصبح في يوم من الأيام وقد محونا مكة التاريخية بآثارها ومواقع الذكريات فيها ونشرنا على أرضها آلاف دورات المياه وآلاف الحجاج النائمين بشوارعها وتحت ظل جسورها وأنفاقها ناشرين حولهم غمائم التلوث محيطين بالمسجد الحرام كإحاطة السوار بالمعصم وهجرها أهلها وراحوا يرددون قول شاعرهم القديم..

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفاه أنيس ولم يسمر بمكة سامر..

معلومات أضافية

  • العــدد: 1
  • الزاوية: كل خميس
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: المدينة

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا