حول نظام الاستيراد
قرأت بإعجاب تعقيب معالي الأستاذ أحمد صلاح جمجوم وزير التجارة على ما كتبه الأستاذ بسام محمد البسام بهذه الصحيفة عن مشروع نظام الاستيراد.
واعتقادي أن تنظيم الاستيراد في بلادنا إجراء ضروري بعد أن اختلط فيه الحابل والنابل وأصبح كل من ملك قرشين أو ثلاثة لا يكتفي باستيراد اختصاصه بل يخلط بين استيراد الفلفل الأسود وأدوات الكتابة وينتقل فجأة إلي استيراد الأقمشة أو الملابس الجاهزة وسرعان ما يتطور إلي فوق فيدس أنفه بين موردي الآلات الكهربائية وأدواتها..
وهكذا تجد له دكاناً في شارع كذا ومحلا آخر في شارع كذا ومكتباً للمقاولات في شارع كذا أجل..أصبح ضرورياً وضع حد لهذه الفوضى التي تلبس ثياب الحرية ومن واجب الغرف التجارية ألا ينظر أعضاؤها- وهم والحمد لله من كبار المستوردين للموضوع من زاوية شخصية- كما يفعل قادة المطوفين-بل ينبغي أن تكون النظرة إلي كل مشكلة من زواياها المتعددة فإن من أكبر بواعث التفكك في المجتمع والتنافر بين طبقاته وزرع بذور التحاسد والتباغض بين أفراده وفتح الثغرات لتسلل المبادئ الهدامة هو استئثار طبقة في هذا المجتمع بكل خيراته..نعم.. إن تنظيم توزيع الدخل بين مختلف الطبقات توزيعا عادلا-ولا نقول متساويا فذلك ما يخالف توزيع السماء-واجب فالعدل هو إتاحة الفرصة للجميع والحيلولة دون احتكار فريق من الناس لكل الخيرات على حساب إتعاس الفريق الآخر وارتفاع قوم إي عنان السماء على حساب انحدار قوم إلي أسفل سافلين.. وإذا كان لي من ملاحظة على تعقيب معالي الوزير فإنني لا أرى اشتراط تحديد رأس المال لأسباب ثلاثة:
أولها: تعذر ضبط تحقيق هذا الشروط ودفع التاجر إلي الكذب وتزوير الحقائق وإذا استباح التاجر الكذب في مبدأ عمله فإنه سيتحرى الكذب دائماً..
وثانيها: إنه قضاء على أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة ومنح لهم من تنميتها ووضعهم تحت رحمة أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة واستبدادهم.
وثالثها: إن بعض أنواع التجارة البسيطة لا تحتاج إلي مثل رأس المال هذا كمستوردي الكتب مثلاً أو مستوردي الخردوات.
أن التاجر الصادق الأمين سيخسر في معركة تجريد رأس المال هذه وسيربح الجولة من يكذب ويزور ومن الخير أن نتجنب مثل هذه المعركة التي ستقوم على حساب أخلاقنا.
وفي وسعنا أن نصل إلي الغرض من التنظيم بالآتي:
الأول: التخصص في الفئات
والثاني: تحذير البنوك من كشف حساب التاجر ومجازاة البنك المخالف بشدة.
والثالث: منع المستورد من مزاولة التجزئة كما نص عليه المشروع.
والرابع: تحديد ربح مجزي بل مغري لتاجر التجزئة يغريه بالانصراف عن الاستيراد من تلقاء نفسه إذا وجد أن التعاون مع مستورد أو أكثر خير له، وفي اعتقادي أن أولئك الذين أشار إليهم معالي الوزير ممن دخلوا ميدان الاستيراد على غير علم ولا هدي وأصيبوا بكثير من الكوارث والذي أغرقوا السوق بكثير من البضائع ليسوا جميعهم من أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة حتى نبدأ بإخراجهم بل أن معظم تلك الكوارث نشأت من أولئك الذي يجمعون بين تجارة الأقمشة مثلاً وآلات الكهرباء ومواد البناء ولا يتورعون عن استيراد الفلفل والليمون أو البصل والثوم إذا وجدوا إلي ذلك سبيلاً، أو من الموظفين الذين كل مؤهلاتهم التجارية هو رأس المال الحائر.
بل أن لدينا عددا ًكبيراً من المستوردين ممن لا يملكون 250 ألف ريال يعملون في السوق ضمن حدود اختصاصهم وخبرتهم ولم ينزلوا بالأسواق اضطرابات ولا بأنفسهم كوارث بل لحق بهم كثير من الأذى.. أذي أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة الذين يدسون أنفهم في كل شيء..
ولا أذيع سرا ًإذا قلت إن الغرفة التجارية الصناعية بمكة هي أول غرفة- إن لم تكن الوحيدة-دعت إلي تنظيم الاستيراد وما يزال أعضاؤها عند رأيهم من وجوب إصدار نظام لهذه الغاية، وأرجو من الغرف التجارية الأخرى أن تحذو حذوها وأن تتعاون مع وزارة التجارة على إصدار هذا النظام متكاملاً معالجاً للمشكلة من جميع نواحيها فذلك ما نرجو فيه الخير لبلادنا وأمتنا والله الموفق.
معلومات أضافية
- العــدد: 113
- الزاوية: كل صباح
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.