مساجدنا.. ومساجدهم
من النعم التي يجب أن نحمد الله عليها حمداً كثيراً كثرة المقيمي للصلاة بيننا فقد صليت في عدد من مساجد مصر وسوريا ولبنان والأردن والعراق فلم أجد في صلواتي المتكررة مسجداً واحداً في هذه البلدان وقد امتلأ بالمصلين باستثناء أيام الجمعة - حتى المسجد الأقصى الذي صليت فيه العصر مع الإمام فلم تزد صفوف المصلين فيه على خمسة صفوف ومثل ذلك بالمسجد الأموي في دمشق.
هذه إحدى ملاحظاتي على المساجد هنا وهناك أما الملاحظة الثانية فهي الفرق في العناية بالمساجد بين هنا وهناك.
ففي كل هذه البلاد العربية ومن بينها لبنان التي تطغى عليها الصبغة المسيحية وفي بيت لحم حيث ولد المسيح وعلى الرغم من هذه القلة في المصلين فقد وجدت الغالبية العظمى من المساجد مفروشة نظيفة مجهزة ثم بيوت للخلاء بعيدة قليلاً عن المسجد بحيث لا تؤذي روائحها المصلين ومواضع أخرى للوضوء أقرب للمسجد، وأئمة يجيدون قراءة القرآن والخطابة والوعظ ارتجالاً لا من ورقة أو كتاب أو حفظا من الخطب القديمة.
أما مساجدنا فعلى الرغم من اهتمام جلالة الملك المعظم ببيوت الله وصرفه المبالغ الطائلة لتعميرها ونشرها في كل مكان فإنها تكاد تكون محرومة من كل هذا باستثناء المسجدين المكي والمدني مع حرمانهما من البعض.
ومن ثم فإني أهدي هذا الكلام إلى سعادة مدير الأوقاف الرجل الصالح السيد أحمد العربي وأرجو أن يوفقه الله للعمل على إلحاق مستوى مساجدنا بمستوى مساجدهم لتظهر بالمظهر اللائق بها كبيوت من بيوت الله وخاصة أن جلالة الجالس على العرش لن يضن بحال أو جهد في هذا السبيل.
إلى لجنة التنمية الاقتصادية
من الأشياء التي طربت لها في رحلتي إلى بيت المقدس عبر لبنان وسوريا والأردن هذه الطريق المسفلتة التي تربط لبنان وسوريا والأردن والعراق بعضها: بعضا الأمر الذي سهل المواصلات بينها ولعل البلد الوحيد المتاخم لهذه الدول العربية ولا يرتبط معها بطريق مسفلت هو المملكة العربية فقط.
ولقد صادفت أثناء الرحلة على الحدود الأردنية السورية بعض قوافل السيارات التي تسير للتجارة بين مملكتنا وسوريا عبر الأردن وتحدث إلى أصحابها عن الصعاب والمتاعب التي يلاقونها مع سياراتهم عندما يدخلون الطريق بين الأردن والمملكة نتيجة لعدم وجود طريق مسفلت بين البلدين وعن الخيرات التي يمكن أن تعم البلدين وخاصة بلادنا لو وجد هذا الخط المنظم للمواصلات.
وأنا نفسي قبل ثلاث سنوات جبت أرض العراق من بغداد حتى أقصى الشمال منه إلى الحدود الإيرانية فكنت أقطعها بالسيارة على أرض مسفلتة منظمة.
وأعتقد أن مثل ذلك موجود في ربط بلدان كل قطر بعضها ببعض.
والفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي تنتج عن تنظيم المواصلات أشياء من البديهيات وسبق الحديث عنها مراراً وما أريد أن أكرر فالحديث المعاد محلول ولكني أريد أن أوجه نظر لجنة التنمية الاقتصادية إلى هذه النقطة من نقاط اختصاصها وأرى أن تكون هي الخطوة الأولى من أعمالها فإن كل تنمية مع فقدان المواصلات المنظمة ستكون غير ذات جدوى وأسأل الله التوفيق.
ماذا صنعت الجامعة
من الأشياء التي كانت تحز في النفس هذه القيود المفروضة على النقل بين البلاد العربية حتى على العربي فقد كانت الساعات التي كنا نقضيها عند حدود كل دولة لتفتيش الأمتعة وتأشير الجوازات أكثر من المسافة التي نقطعها بين دولة وأخرى فعند مغادرة الحدود اللبنانية وقوف وتفتيش وتأشير.
وعند دخول الحدود السورية مثل ذلك ثم عند الخروج من سوريا نفس الشيء وعند الحدود الأردنية مثل ذلك ثم يتعدد الوقوف في الأراضي الأردنية عند مدخل كل بلدة أو الخروج منها.
ولا أدري ماذا صنعت جامعة الدول العربية منذ تأسيسها حتى اليوم في المشروعات التي كنا نقرأ عنها كإلغاء الحواجز الجمركية بين البلاد العربية وإلغاء جوازات السفر.
وإلى متى تنفض الدورة تلو الدورة ولا ينتهون على شيء رغم تعدد اللجان والمجالس الفرعية للجامعة؟
إن الجامعة بعدم استطاعتها التغلب على العقبات التي تصادفها في مثل هذه الأمور إنما تتيح الفرصة لأعدائها وأعداء العروبة من الاستعماريين وأذنابهم كي ينالوا من سمعتها ويطعنوا في جدوى بقائها ويعملون على تفتيتها.
إنها إن لم تتغلب على هذه المظاهر البسيطة من مظاهر اتحاد الصف والتضامن والتكتل فسوف يتعذر عليها حتما التغلب على العقبات الأكبر والأشد من تلك المظاهر فهل لنا أن ننتظر من جامعتنا الحبيبة أن تتغلب على هذه المظاهر الأولية فينتقل العربي من المحيط إلى الخليج دون جواز سفر ودون حواجز جمركية؟!
نرجو أن يكون ذلك قريباً.
معلومات أضافية
- العــدد: 228
- الزاوية: يوميات الندوة
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.