ملاحظات عن الحج2
أشرت في كلمتي السابقة إلى الأوضاع السيئة التي نشأت عن اتخاذ بعض الحجاج للشوارع والميادين والطرقات مساكن لهم واستعمال ذلك عاماً بعد عام حتى بلغ السيل الزبى هذا العام وعراً وصعباً سيئاً لا يحسن السكوت عليه بل يخشى من سريان عدواه واستفحال أمره أكثر فأكثر طالما أنه يقابل بعدم الردع.
واقترحت تبنى الدولة لإنشاء مؤسسة إسكان تلم شتات هؤلاء الحجاج وتوفر لهم وسائل الإقامة المريحة وتحمى الشوارع والطرقات من هذا الأذى الذي حل بها خلال السنوات الماضية ووعدت بتقديم فكرة مبسطة لإخراج هذه المؤسسة إلى حيز التنفيذ في أقرب فرصة تحقيقاً للإصلاح السريع.
في اعتقادي أن مثل هذه المؤسسة لا تحتاج إلى دراسات وشركات استثمارية وخبراء وتطويل وتمضى السنون دون أن ننفذ شيئاً وأن أهل مكة أدرى بشعابها كما يقول المثل وأمامنا تجربة سابقة، هي تجربة العين العزيزية بجدة وإنشائها لمدينة حجاج البحر ثم مدينة حجاج الجو.
وفي المملكة أيضاً كفاءات هندسية مشرقة وواعية يمكن الاستفادة منها في جامعة الرياض وجامعة الملك عبد العزيز وبعض الوزارات والجامعات الأخرى بتشكيل لجنة منهم لوضع مخططات عاجلة ومبسطة لمنشآت هذه المدينة بحيث تكون قابلة للتطوير والتحسين والتوسعة كلما اقتضت الحاجة.
وأقترح الآن أن يبحث معالي وزير الحج ضمن جهوده في سبيل رعاية الحجاج على الأسس الآتية القابلة للتعديل والتصحيح:
1- يتقدم إلى الدولة بطلب مساحة من الأرض كافية لإنشاء مدن تسع حجاج البر ومن يمكن أن يعتبر في مستواهم من حجاج البحر فقط وبجوار محطة سيارات حجاج البر لقرب هذه المنطقة من المسجد الحرام وفي اعتقادي أن الدولة التي تنفق الملايين على الحجاج كل عام لن تضمن بتقديم الأرض لهذا المشروع.
2- بعد الحصول على الأرض يدعو عدداً من أصحاب رؤوس الأموال السعوديين للمساهمة في إقامة مؤسسة تكون مهمتها إنشاء مدينة لحجاج البر بمكة المكرمة على هذه الأرض وتشغيلها وربطها بمواصلات منتظمة بالمسجد الحرام تختص هذه المواصلات بنقل الحجاج من المدينة إلى ميدان مبنى وزارة المالية بأجياد ثم إعادتهم إلى المدينة ثانياً.
3- يساهم هؤلاء المؤسسون بنصف رأس مال المؤسسة فقط وتطرح بقية الأسهم للاكتتاب من المواطنين وتكون الأولوية للمطوفين.
4- تحدد لساكني هذه المدينة أجرة تحصل من الحاج ضمن العوائد المقررة من بلاده ومن ضمنها أجرة المواصلات بحيث يكون للحاج الحق في الانتقال إلى المسجد الحرام في اليوم مرة واحدة ذهاباً وإياباً بموجب بطاقة تسلم إليه عند وصوله إلى المدينة أو دفتر صغير به عشرون تذكرة تسحب منه عند الركوب في كل مرة تذكر على أساس أن الحاج البرى لا يقيم بمكة أكثر من عشرة أيام عدا أيام منى وعرفات.
5- تمنع في موسم الحج فقط دخول أية سيارة تحمل لوحة غير سعودية إلى داخل مكة بما فيها الصغيرة لأن هذه السيارات قد أصبحت هي الوسيلة لهذه الظاهرة المؤسفة ظاهرة سكن الحجاج في الشوارع والطرقات بعد أن سيطرت أجهزة الأمن على السيارات الكبيرة وحجزتها في منطقة سيارات حجاج البر فلجأ الحجاج إلى السيارات الصغيرة التي تتيح لهم الدخول إلى قلب مكة وقلب منى أيضاً ثم لسكنى الشوارع بجوار سياراتهم.
6- توجه سيارات حجاج البر إلى هذه المدينة من طريق خاص من خارج مكة إلى مدينة الحجاج لإسكانهم هناك ثم الانتقال منها إلى المسجد الحرام على سيارات المدينة لأداء مناسك الطواف والسعي.
7- إذا رغب الحاج البرى في السكن داخل مكة كحجاج الجو والبحر ويتعهد لدى إدارة المدينة باستئجار مسكن فإنه يحصل على إذن منها على السكنى بداخل مكة ويحتسب له المطوف ما دفعه كأجرة للسكنى بالمدينة بعد أن يقدم له الحاج الإذن المعطى له من إدارة المدينة ثم تقوم إدارة المدينة بصرف ذلك للمطوف حالاً على أن تبقى سيارة هذا الحاج محجوزة بمحطة السيارات.
8- يفضل أن تمنح هذه المؤسسة – مؤسسة الإسكان – نقل حجاج البر أيضاً إلى منى وعرفات على سياراتها على ثلاثة ردود أو أكثر وخاصة أن لحجاج البر خط سير خاص وكلما نقص عدد السيارات كان السير أسهل وأسرع والمسافة قصيرة يمكن قطعها أكثر من خمس مرات لو كان الطريق غير مزدحم ولأن ألفي سيارة تقل حمولة 40 راكباً تكفي لنقل هؤلاء الحجاج في المشاعر وبسهولة ويسر وتريحنا من عشرات الآلاف من السيارات التي تسبب لنا مشاكل السير وترهق المواطنين ورجال المرور وتعفينا من المزيد من الجسور وخطوط السير التي كادت تبتلع أراضى منى ومزدلفة.
وفي الإمكان الاستفادة من سائقي سيارات الشركات الأجنبية للعمل على سيارات المؤسسة بمكافأة.
9- تزود المدينة بمسجد – جامع – يؤدى فيه الحجاج صلواتهم ويفهمون بواسطة الوعاظ الذين يجيدون لغاتهم. أن هذه المنطقة من مكة المكرمة والصلاة فيها كالصلاة في المسجد الحرام حسب ما أفتى به بعض فقهاء المسلمين ورجال تفسير القرآن وفي ذلك تخفيف من الزحام على المسجد الحرام.
10- تصدر وزارة الحج نشرة توزع بواسطة القنصليات مع كل تأشيرة حج براً أو جواً أو بحراً بلغة كل حاج بأن السكنى في مكة المكرمة والصلاة فيها كالصلاة في المسجد الحرام حسب ما افتى به بعض فقهاء المسلمين ورجال تفسير القرآن وفي ذلك تخفيف من الزحام على المسجد الحرام.
11- تصدر وزارة الحج نشرة توزع بواسطة القنصليات مع كل تأشيرة حج براً أو جواً أو بحراً بلغة كل حاج بأن السكنى في الشوارع والساحات والمساجد والحدائق ممنوعة منعاً باتاً وأن على الحجاج التوجه إلى دور مطوفيهم والسكنى بها وعلى حجاج البر التوجه إلى مدينة الحجاج الخاصة بهم وكل حاج يوجد ساكناً في أي شارع أو طريق أو جامع أو حديقة أو أي مكان غير معد للسكنى وتتوفر فيه مرافق السكنى يكون عرضة للترحيل إلى بلاده قبل أداء الحج بعد أن وفرت الدولة السكنى لكل حاج على قدر طاقته.
12- تشكل فرق بوليس خاصة تدرب تدريباً خاصاً على مهمة تكليف الحجاج الذين يسكنون في مساكن مؤهلة للسكنى وتزود هذه الفرق بعدد من المترجمين والسيارات تكون مهمتها محاولة إقناع الحاج بالسكن ببيت مطوفه أو مدينة الحجاج وفي حالة عدم إقناعه يكلف بذلك جبراً ولا لوم على الدولة وبعد سنتين أو ثلاث سيألف الحجاج ذلك ولن يعودوا للانتشار في الشوارع. إن من أسباب أزمة السير أيام الحج في مكة ومنى وعرفات هو سكنى هؤلاء الحجاج بسياراتهم في الشوارع وعلى خطوط السير ورجال المرور يشهدون بذلك وقد شاهدت بعيني بالطريق الدائري بعرفات وقوف سيارات هؤلاء الحجاج على جانبيه صفوفاً حتى لم يبق لسير السيارات أكثر من خط واحد وربما سد هذا الخط في أخر النهار. فقد لاحظت منذ الساعة الرابعة بعد الظهر توقف السير فيه نهائياً.
أرجو أن ينال هذا الموضوع رعاية معالي وزير الحج والأوقاف وأسأل الله له التوفيق..
معلومات أضافية
- العــدد: 4
- الزاوية: رقيب اليوم
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.