القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 182 زوار المتواجدين الآن بالموقع
الاثنين, 08 أغسطس 2011 22:09

من دروس الهجرة

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

التضحية في سبيل العقيدة هي أبلغ درس نتلقاه من الهجرة النبوية وفي ذكراها ومن أشد الآلام على مغادرة الأوطان كرهاً فقد كان أكثر المهاجرين بعد أن تركوا مكة المكرمة يحنون إليها ويرددون قول الشاعر العربي:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة                   بوادٍ وحولي أذخر وجليل

وهل أردن يوماً مياه مجنة                        وهل يبدون لي شامة وطفيل

ومن صور هذه التضحية خروج الرسول ورفيقه من بينه وصناديد قريش وفتيانها يرقبونه ويترصدونه ليقتلوه دون خوف أو رهبة ويحث على وجوههم التراب فيغشاهم النوم ولا يرونهما ويبلغا غايتهما – غار ثور..

والصورة الثانية صورة على كرم الله وجهه وهو في ريعان الشباب ينام موقع رسول الله المراد قتله ولا يفكر في اغتيال قريش له أو يتردد في تقديم نفسه فداء رسول الله.

والصورة الثالثة تلك الفتاة وهي بعد في زهرة العمر – أسماء بنت أبى بكر وهي تعرف الرصد القرشي والعيون المشركة وراء رسول الله وأبيها ولا يدخلها الروع وهي تحمل إليهم الزاد في الغار ريثما يواصلا السير..

أما الصورة الرابعة فهي صورة الأنصار وهم يتنازلون كل واحد منهم عن نصف ما يملك عن طيب خاطر لأخيه المهاجر فيقاسم كل ما يملك..

أين نحن من أولئك البشر؟ أين نحن الآن وكل واحد منا يقول قبل يوم القيامة: نفسي.. نفسي؟

أين نحن من هذا التحمل والصبر على المشاق والمعاناة في سبيل الفرار بالعقيدة والتمسك بالإيمان ونشر الإسلام..

قوم مستضعفون يتخطفهم المشركون الأعداء ويتربصون بهم الدوائر وينزلون بمن يقدرون عليه أشد البلاء لا تفل من عزائمهم كل هذه المخاطر لا سلاح ولا عتاد إلا الإيمان والإيمان وحده وأنعم به سلاحاً يصنع المعجزات وتتضاءل أمامه كل الأسلحة.. فهل من مُدَّكر..

وإذا تجاوزنا هذه الصورة من التضحية والإيثار في سبيل العقيدة نلتقي وجهاً لوجه بصور من المعجزات النبوية أولاها (وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون).. فخروج رسول الله على المتآمرين وهم في انتظاره لقتله فيطمس الله على أبصارهم ويغشاهم النعاس فلا يرونه.

وثانيتهما ذلك العنكبوت الذي نشر خيوطه على باب الغار وتلك الحمامة  التي عششت وباضت ليستحيل في نظر المتآمرين وجود أحد في الغار وثالثهما تلك العنز - عنز أم مَعبْد -  التي جف ضرعها تدر لبنها بين يدي الرسول لتسقى الرسول وصاحبه ودليله وأم معبد ويبقى منه لزوج أم معبد نصيب.

ورابعتها فرس سراقة  التي غاصت حوافرها في الرمال أكثر من مرة وقد جاء ليلحق بالرسول وصاحبه ويردهما إلى قريش طمعاً في الجائزة المرصودة لمن يأتي بهما فتبهره المعجزة ويرجع من حيث أتى ثم يسلم ويحسن إسلامه.

هذه نتف من الذكريات الخالدة  التي يجب أن نتذكرها في هذه المناسبة ونحدث بها أجيالنا الجديدة  التي لا أتصور أنها تدور بخلدها إن لم نذكرها بها نحن ونلقنها منها الدروس، فأنا أكتب هذه الكلمة و التي قبلها من الذاكرة  التي حفظتها من دروس السيرة أيام الدراسة قبل أكثر من خمسين عاماً ولو وجدت الوقت وراجعت المراجع التاريخية لكتبت عشرات المقالات عن صور التضحية وصور الإيمان وصور المعجزات  التي يجب أن تكون غذاؤنا الروحي في زمن لم نعد نهتم فيه إلا بغذاء الجسد ونتفنن في تكوينه.

إن السيرة النبوية العطرة ملأي بهذه الصور والدروس والعبر وواجب المؤرخين والعلماء وفقهاء السيرة أن يستخرجوا لنا هذه الجواهر في كل مناسبة لنحيا تاريخنا دائماً ونتعلم منه ونعيش معه..

والله من وراء القصد..

·       هامش:

§        إلى الأخ مؤمن غيور: ما أشرت إليه صحيح ولكن ما كل ما يعلم يقال وما كل ما يكتب قابل لنشر.. فمعذرة.

معلومات أضافية

  • العــدد: 17
  • الزاوية: كل يوم إثنين
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: الندوة
المزيد من مواضيع هذا القسم: « أحكام الإسلام رأيي! »

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا